من المنتصر في العدوان على لبنان؟

الحرب على لبنان
الحرب على لبنان

دخل وقف العدوان الصهيوني على لبنان حيز التنفيذ فجر الأربعاء، بعد أكثر من شهرين من تدمير منشآت مدنية، ومقتل أكثر من 3000 آلاف مدني عدا المصابين، وتهجير مئات الألاف من سكان الجنوب، وهذا الضرر الكبير لم يحدث مقابله في دولة الاحتلال لاقتصار ضربات حزب الله في معظمها على المنشآت العسكرية التي لم نعرف تماما حجم الخسارة فيها. لكن مع دخول هدنة 60 يوما حيز التنفيذ لا يعني بالضرورة وقف العمليات في حال أي انتهاك من الطرفين. وهنا لابد من الوقوف على بعض حيثيات هذه المرحلة من الصراع بين حزب الله ودولة الاحتلال التي سيكون لها انعكاسات كثيرة وكبيرة على لبنان والمنطقة برمتها. فالاتفاق ركز على تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، وعلى اقتصار القوات المنتشرة جنوب نهر الليطاني على القوات اللبنانية واليونيفيل. وأن حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى الموجودة في الأراضي اللبنانية لن تقوم بأي عمل هجومي ضد الاحتلال، و لن يقوم الاحتلال بأي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، بما في ذلك على الأرض، في الجو وفي البحر. وأن القوات الأمنية والعسكرية الرسمية في لبنان ستكون الجماعات المسلحة الوحيدة المرخص لها بحمل الأسلحة أو تشغيل القوات في جنوب لبنان. وأي بيع وتوريد وإنتاج أسلحة أو مواد متعلقة بالأسلحة إلى لبنان سيكون تحت إشراف ورقابة الحكومة اللبنانية. وتفكيك جميع المنشآت غير المرخصة المشاركة في إنتاج الأسلحة والمواد المرتبطة بالأسلحة، وتفكيك كل البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة التي لا تفي بهذه الالتزامات. هذا الاتفاق لم يحظ بموافقة جزء كبير من الإسرائيليين، فوزير الأمن ايتمار بن غفير قال:"

إسرائيل تضيّع فرصة تاريخية لتركيع حزب الله، وبإمكانها الاستمرار في سحقه".من جانبه، قال زعيم المعارضة، يائير لابيد: "في عهد نتنياهو، وقعت أكبر كارثة في تاريخنا، لن يمحو أي اتفاق مع حزب الله الفوضى. نحن بحاجة ماسة إلى إبرام صفقة رهائن، لإعادة الذين تم التخلي عنهم إلى ديارهم".

نتنياهو لا يعرف كيف يجلب الأمن لإسرائيل، وادعاؤه بأنه لم يصمد أمام الضغوط الأمريكية هو ادعاء مخجل".كما انتقد رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان القرار قائلا: "قال نتنياهو إن الحرب مستمرة حتى النصر الكامل، لكنه لم يقل انتصار أي طرف". نتنياهو في كلمة له قال:

"لقد وعدتكم بالنصر، وسنحقق النصر. سنكمل القضاء على حماس، ونعيد جميع مختطفينا، ونضمن أن غزة لن تشكل تهديدا لإسرائيل، ونعيد سكان الشمال بأمان إلى منازلهم".

إن: "حزب الله اختار مهاجمتنا، لقد مر عام ولم يعد حزب الله نفسه. لقد عدنا به عقودا إلى الوراء

وأضاف: "قضينا على آلاف الإرهابيين ودمرنا البنية التحتية تحت الأرض بالقرب من حدودنا لسنوات. هاجمنا أهدافا استراتيجية في جميع أنحاء لبنان وأسقطنا عشرات الأبراج الإرهابية في الضاحية. قد يبدو كل ذلك خيالا علميا، لكنه ليس خيالا علميا. لقد فعلنا ذلك".

وأكد أن من شأن وقف الحرب مع لبنان، فصل ساحة لبنان عن غزة، وإكمال المهمة هناك والاستفراد بحماس في المعركة" على حد تعبيره.

حزب الله من جانبه اعتبر أن الاتفاق هو إعلان نصر لحزب الله الذي صمد في وجه العدوان كل فترة الحرب وصد كل هجماته وتقدمه في الأراضي اللبنانية. وهذا لا شك صحيح، ولكن اتفاق وقف إطلاق النار سيجبر حزب الله إلى التراجع ما وراء الليطاني والتزامه بالقرار 1701 وهذا يعني أنه سيخلي مواقعه وتحصيناته، ويمنع عليه إي هجوم مسلح مجددا على إسرائيل، ويمنعه أيضا من مناصرة غزة وإلغاء مقولة وحدة الساحات. وهذا يعتبر تحولا كبيرا على الساحة اللبنانية الداخلية وإعادة ترتيب الأوراق في البيت الداخلي، وفي توازن القوى الطائفية. وهنا يبدو أن أحدا من طرفي النزاع في لبنان لم ينتصر، والنصر الوحيد هو للشعب اللبناني الذي ربما سيجد توازنا طائفيا مختلفا في قادم الأيام.