رحيل الحقوقي السوري/ الفرنسي الدكتور فرانسوا درويش مؤسس نجدة أطفال سورية

الدكتور فرانسوا درويش
الدكتور فرانسوا درويش


أقيمت الصلاة على الدكتور فرانسوا درويش الذي رحل يوم الخميس الماضي في مسجد الهاشمي في سانتوان في باريس، ودفن في المقبرة المسلمة يوم الجمعة. وقد عرف الدكتور درويش بنشاطه الدؤوب بالدفاع عن حقوق الانسان وقد عرف في الأوساط الحقوقية الفرنسية والدولية كمدافع عنيد عن الحقوق، والقيم الأنسانية، ونبذ العنصرية وتحقيق المساواة. وأثير الكثير من التساؤلات بعد وفاته عن حقيقة إسلامه وأصله، وهل كان مسلما منذ ولادته أم كان مسيحيا واعتنق الإسلام فيما بعد، وهل له أصول عربية أم إنه فرنسي الأصل. وقد تم الكشف عن هويته وسيرة حياته بعد وفاته، إذ هاجر محمد أحمد الرشدان وهو اسمه الحقيقي من مدينة درعا السورية في سن السابعة عشرة، ودرس الطب في فرنسا، وعمل طبيبا وتبوأ منصب رئيسا للفيدرالية للأطباء الفرنسيين. اتخذ لنفسه اسم فرانسوا درويش بعد حصوله على الجنسية الفرنسية، لكن مهنة الطب لم تمنعه من ممارسة نشاطه الحقوقي، إذ استطاع أن يقدم منظوره الخاص حول المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وكان ناقدا كبير للسياسات الاستعمارية للاحتلال الصهيوني، ومناصرا للقضية الفلسطينية، وأسس "نجدة أطفال سورية" المتضررين من آلة القتل الأسدية، وترأس "منظمة عدالة وحقوق بلا حدود"، التي تعدّ إحدى المنظمات الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان في فرنسا، استطاع من خلال هذه المنظمة أن يكون صوتا للعدالة في قضايا عالمية كبرى، مما أكسبه احتراما واسعا وسمعة دولية، كناشط يكرس حياته لحقوق الشعوب دون تحيز. وناصر الرشدان ثورات الربيع العربي، وكان من أوائل الداعمين لمطالب الشعوب المقهورة والمقموعة من قبل أنظمتها الاستبدادية التي واجهت هذه الثورات بالحديد، والنار، والكيماوي، وكان يرى أن الثورات العربية فرصة عظيمة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وانتقد الدعم الغربي لهذه الثورات الذي كان يجب أن يكون أكثر نجاعة، وكان يعدّ القضية الفلسطينية من أولوياته، ويرى فيها رمزا للنضال من أجل العدالة. استخدم منصته الحقوقية لنشر الوعي حول الأوضاع الإنسانية في فلسطين، وألقى عدة خطابات تناولت ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية، وأبدى قلقه من السياسات الغربية المتناقضة. رحيله بعد خسارة كبيرة لساحة النضال الحقوقية، وقضايا العدالة الإنسانية. لم ينس هذا السوري القادم من حوران قضيته السورية التي انطلقت شراراتها الأولى من المسجد العمري في درعا مسقط رأسه. لقد مثل هذا الطبيب السوري ككثير من السوريين المهاجرين والمهجرين سوريا كشاب يطمح للعلم والمعرفة والتقدم والوقوف إلى جانب القضايا العادلة في سوريا، وفلسطين تحديدا، والعالم عموما. لقد عاش كطبيب ناجح، وكمناضل للحق وقضايا الانسان لآخر رمق في حياته.