سنة مضت على رحيل كاتبنا المبدع خالد خليفة. صلى عليه الكثيرون من محبيه في دمشق، على عكس ما كتب في روايته: "ولم يصل عليهم أحد" لأولئك الذين قتلوا أو ماتوا من تعذيب أو قهر، علمنا في رواياته كيف يكون الموت عملا شاقا، وكيف للكراهية مادحوها، وكيف أن مطابخ حلب مسقط رأسه لا سكاكين فيها، لأن السلطة والحزب جعلوا منها خرابا. من الصعب أن ننسى خالد، فكلماته باتت محفورة في وجدان كل سوري قرأه وثار ضد الظلم، كل سوري ولد، وعاش، ومات تحت حكم الطغاة كخالد الذي ولد في العام 1963 والذي يصادف استلام حزب البعث للسلطة في سورية، ورحل في العام 2023، تسع وخمسون سنة عاشها بين حلب الشهباء ودمشق الفيحاء، ورغم أنه تنقل في مدن كثيرة إلا أنه كان يأبى الغربة فالوطن كان يجذبه من بعيد ويعيده إلى حضنه الدافيء رغم توحش شبيحة النظام الذين اعتدوا عليه وكسروا ذراعه لأنه كان مع الثورة. يقول خالد:" الثورة كانت ولا تزال ضرورية، ورغم ذلك أتساءل، لماذا كان يجب علينا أن نقدم هذا الكم الهائل من الضحايا؟ بكل بساطة، تبيّن مع الوقت أنه كان علينا أن نضحي بحياة 50 ألف سوري من أجل الحفاظ على مصالح إيران على سبيل المثال. وكان يجب أن يموت 50 ألف آخرين من أجل مصالح روسيا أو الصين أو غيرهما. لا نموت من أجل ثورتنا فقط. نحن نكتشف فجأة بلدنا وعلاقاته المعقدة وسياقاته السياسية من جديد. نكتشف وجود تسوية دولية بخصوص استقرار المنطقة على حساب حريتنا. توجد هذه التسوية منذ أكثر من خمسين عاما، وعندما تم الاتفاق عليها، لم يذكر أي أحد أن حرية السوريين يجب أن تكون جزءاً من هذا الاستقرار. اعتقدنا في 2011 أننا كسرنا حاجز الخوف، لكن بُني أمامنا حاجز جديد.. نحن الآن خائفون من المستقبل وبلادنا بالكامل تقف في المجهول"
كان خالد على حق بلادنا تقف في المجهول، هناك من يترصد بها شرا، هناك أيادي خفية تسعى لتمزيق أوصالها، سورية العظيمة، سورية الأبية أصبحت تحت سلطات عديدة وليس سلطة واحدة، وكل سلطة تريد التهام قطعة، كذبيحة تتناهشها الوحوش، هذا ما أوصلنا إليه حكم الطغاة. وهذا ما كان يقوله خالد، ورحل قبل الأوان وعلى فمه كلمة وطن.