ربما يكون السوري مُحقاً في ألا يعجبه العجب، لأنه رأى في محنته العجب العجاب، فلم يعد يثيره ما يراه الآخرون عجباً، وكذا يحق له ألا يعجبه الصيام في رجب لطالما أن رمضان هو شهر الصوم وليس رجباً.
لكن يحار المرء فيما يقرأ وما يبدعه الكثير من السوريين من آراء ومواقف من قضايا مختلفة، يراها أو يتابعها على منصات وسائل التواصل.. فإن وصل شخص إلى أوروبا لاجئاً يهاجمه ألوف مؤلفة من فرسان تلك المنصات؛ لأنه خان الأمانة وترك الوطن نهباً للطامعين!!..
وإن اشترى أحدهم دكاناً أو بيتاً تنال منه الألسن، وتصمه باللصوصية والارتزاق دون سند أو دليل.. وإن طرح ثالث مشروعاً يطعن به ويشكك جيشٌ من تلك الجيوش التي كان يهزمها عنترة العبسي في أمسيات الشتاء على منصة الحكواتي..
وإن أبدى رأياً بقضية يراها البعض وفق فهمه مساً بعقيدته يتم التشنيع به، ويوصم بالكفر والردة، ويستباح عرضه ودمه رغم أن معظم هؤلاء المكفّرين لا يولي وجهه قبلة، ولا يعرف كيف يتوضأ، والأسوأ أنه لا يناقش الفكرة ويحاول دحضها.
وإن قال سوري لا، أُتهم بشق الصف، وإن قال نعم، أُتهم بالارتهان والخضوع، وإن صمت أُتهم باللامبالاة.. وإن تبرع بما هو متيسر يوصم بالبخل، وإن جلس بمقهى أُتهم بالإسراف فأهل الخيام أولى بما ينفق!!.
السوري مصاب بلعنة ذاتية المصدر اسمها لعنة "الأنا المتورمة".. هو يفهم في كل شيء، ويتقن كل شيء، ويحاور ويناقش ويدلي بدلوه في مختلف الأشياء...
لكنه مع الأسف لا يفعل أي شيء.