تطور سياسي لافت في الشأن السوري في الذكرى العاشرة لقيام الثورة السورية. فمن الملاحظ اهتمام وسائل إعلام عالمية، ومنظمات دولية، وحقوقية، بهذه الذكرى والتي أجمعت على ضرورة الإسراع بحل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري الذي انحدر إلى تحت خط الفقر، ولامس حد المجاعة. كما كان من اللافت بشكل مواز اجتماع الدوحة الثلاثي الذي جمع وزراء خارجية قطر وتركيا وروسيا، الذي خلص إلى تشكيل آلية ثلاثية للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية. سيتم بلورته في اجتماعات قريبة في أنقرة، وموسكو. هذا الاجتماع الثلاثي يعطي مؤشرات عدة:
- عودة قطر بقوة للمشاركة في الملف السوري.
- غياب إيران عن الاجتماع مع أن لها وجود قوي على الأرض.
- غياب المعارضة السياسية السورية الممثلة في الائتلاف، وكأن ليس لها وجود.
- غياب ممثل عن النظام السوري وكأن روسيا تقوم مقامه.
وهذا ينبيء أن آلية جديدة تأخذ طريقها في التشكل لتكون بديلاً عن آلية آستانا. سوتشي، التي أثبتت فشلها بإدخال لاعب جديد: قطر حليفة تركيا، وهذا دعم للموقف التركي من جهة، وتهميش أدوار دول خليجية أخرى كان لها أدوار أساسية في الوضع السوري في فترة سابقة. وقد أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريح له مؤخرا مشيراً إلى "تطورات في الملف السوري خلال الأيام الماضية" دون توضيح أي تفاصيل إضافية. ويبدو أن الروس عازمون على عزل إيران بعد أن تيقنوا أن حليفهم يضر بمصالحهم في سوريا، لاسيما وأن الإدارة الأمريكية الجديدة لها نهج مختلف عن نهج سابقتها في أكثر من ملف في الشرق الأوسط وخاصة إيران، والقضية الفلسطينية. من الملاحظ أيضا عودة رياض حجاب للظهور مجددا الذي دعا لإعادة هيكلة المعارضة السورية، وكأن هناك نية في تشكيلة معارضة جديدة تتماشى مع المرحلة المخطط لها لا تشارك فيها وجوه تفتقر للشعبية بعد فشلها الذريع في تمثيل الثورة والشعب السوري. لكن تمسك الروس بنظام الأسد وشرعيته في إجراء انتخابات رئاسية تجدد له "البيعة" تضع موسكو في موقف مضاد لمواقف تركيا والمعارضة السورية، (إلا إذا كان بوتين قد وصل إلى قناعة بأنه حليفه في دمشق بات عبئا عليه، ويبحث له عن مخرج مشرف). وكذلك الدول الأوربية وأمريكا التي ترفض منح الشرعية لهذه الانتخابات، وهي المنتظر منها أن تلعب دورا هاما جدا، روسيا تعتمد عليها اعتمادا كليا في مرحلة إعادة الإعمار، في حين أن الدول الغربية متمسكة بموقفها الرافض للمساهمة فيها مالم يتم إنجاز حل سياسي، يشارك فيه جميع الأطراف للخروج من الأزمة نهائيا، والبدء بمرحلة جديدة يستعيد فيها الشعب السوري حريته. تبدو هذه المطالب ملحة أكثر من أي وقت مضى في ظل تفاقم معاناة الشعب السوري في الداخل وفي الشتات، من الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومن كورونا المتفشي بشكل كبير. ومن تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان التي تنعكس أيضا أزمته على سوريا وعلى أوضاع اللاجئين السوريين فيه. باختصار فإن الملف السوري وضع على الطاولة الدولية، خاصة بعد المصالحة الخليجية، وتسلم جو بايدن الإدارة الأمريكية. بعد أن كان هذا الملف، خلال سنوات طويلة على الرف.