خمس وسبعون سنة مضت على إعلان دولة الاحتلال، خمس وسبعون سنة من ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني، خمس وسبعون سنة من الانكسار العربي أمام المؤامرة الغربية الكبرى على فلسطين والعرب، خمس وسبعون سنة من الشتات، والنكبات، والنكسات، والانقسامات، والخيانات، و"التطبيعات"، خمس وسبعون سنة عاشتها أجيال من الشعوب العربية وهي تنتظر لحظة انتصار، لحظة أمل، لحظة حق، لحظة هزيمة سارق الأرض، ومرتكب الجرائم الكبرى. اليوم حقق الشعب الفلسطيني، شعب الجبارين أول انتصار حقيقي على دولة الاحتلال والعنصرية والابارتايد، وعلى الغرب الزائف الذي حشد كل قواه العسكرية والمالية والدبلوماسية لدعم حليفه المغتصب القاتل. هذا الانتصار الأول الذي هز هذا الكيان المصطنع أحدث شرارة صحوة في ضمير العالم، وعودة الوعي في شعوب الأرض بمدى فداحة الجريمة بحق شعب فلسطين. ما وقع خلال الأسابيع الماضية لحدث تاريخي لا يقل أهمية عن حطين وعين جالوت، حين واجه المسلمون كل قوى الغرب على أرض فلسطين بنصر مؤزر، وفي غزة العزة اليوم يسطر الشعب الفلسطيني واحدة من أكبر بطولاته التاريخية التي كشف أيضا زيف أنظمة الذل والهوان العربية المهرولة إلى تل أبيب، إن صور فدائيي حماس في مواجهة ألة المحتل العسكرية التي تفوق قوتها آلاف المرات قوة سرايا القدس والقسام تؤكد أن العزيمة والإرادة والتصميم والتخطيط السليم والإعداد الدقيق التي ظهرت في مواجهة جالوت لداوود هي المنتصرة، وليس الخطابات الرنانة الطنانة لأنظمة المقاومة والممانعة الكاذبة. إن معركة غزة (التي لم تنته) ليست سوى بداية لطريق التحرير على النهج الصحيح بعد خمس وسبعين سنة من الضياع، والخداع، خمس وسبعين سنة من مؤامرات محاكة في ظلام أقبية المخابرات الدولية والعربية ومجالس الساسة. سبع وخمسون دولة عربية وإسلامية لم تتمكن من فرض كلمة واحدة على دولة الاحتلال وداعميها من دول الغرب. لقد دفع الفلسطينيون ثمنا باهظا من الدماء والدموع، ثمنا باهظا من الدمار والتشريد، ثمنا باهظا من طعنات الأنظمة العربية من الخلف. اليوم يقولون للجميع كفى فالشعب الفلسطيني لن يعتمد بعد اليوم على أحد فقراره بيده، وبصلابته، وبقوته، وعزيمته. فهو سيحرر أسراه رغم أنف الاحتلال، ويحرر أرضه رغم أنف الاحتلال، ومن خلفه، وغزة العزة هي عزة فلسطين، وعزة الشعوب العربية، وعزة كل شعوب العالم التي وقفت معه ضد الطغيان، ومؤامرات الصهيونية العالمية، وبعض من أنظمة الخذلان العربية.