بأي حال عدت يا نكسة 67

هزيمة بدون قتال في حرب 67 على الجبهة السورية
هزيمة بدون قتال في حرب 67 على الجبهة السورية


بعد نصف قرن ونيف لا تزال مخلفات نكسة حزيران الكبرى، والهزيمة بدون قتال على الجبهة السورية بقرار وزير الدفاع السوري أنئذ حافظ الأسد الانسحاب من الجبهة السورية، تثقل كاهلنا، وتضعنا في دوامات، وصراعات، وتبدلات في المواقف السياسية، ومن قضية فلسطين التي كانت للعرب "مركزية". لا تقل نكسة حزيران 67 عن نكبة 48، التغيير فقط في حرف السين. بل هي أعمق وأشد أثرا على المستويات المختلفة. فالأنظمة العربية في تلك الفترة كانت تعمل وتفكر وتخطط بطريقة تختلف تماما عن أنظمة اليوم، بل وأقول إن الشعوب العربية بدورها التي عاصرت تلك الفترة وحاليا اختلفت أيضا. فما بين سيادة الفكر القومي بالأمس، والفكر الانهزامي التوافقي مع دولة الاحتلال اليوم مرت مياه كثيرة تحت الجسور، وثارت حروب، واندلعت ثورات، ووقعت انقلابات، وخلافات بينية، وتدخلات أجنبية في أكثر من دولة عربية، وانقسامات في دول ونشوء دول جديدة كجنوب السودان. ومعارك على السلطة تجري تحت أعيننا، ما أوصل الشعوب إلى حافة الفقر أو تحت حافته، وشرد الملايين، وصار المواطن ينشد النجاة بمخر البحر، وشد الرحال في مفازات الفيافي، والوهاد بحثا عن أوطان أخرى تقيه شر العوز وشهوة الشبع. أسئلة كبرى مضنية تتحرك في أذهاننا كلما حلت ذكرى نكباتنا التي هي من صنع أنظمتنا التي كم ادعت أنها جاءت لتحدث انقلابات في أوضاعنا المأساوية وتبني لنا قصورا في الخيال، وتقدما في معارج الحضارة تضاهي الدول الكبرى، وتوصلنا إلى ضفاف النعيم. فإذا بها تخلع أقنعة الخداع وتسلط علينا فوهات بنادقها ومدافعها لأننا وقفنا في وجهها البشع، وتتحالف مع دول الاحتلال على حساب قضايانا المصيرية، ومستقبلنا الغامض. نصف قرن ونيف لم نتقدم قيد أنملة إلى الأمام، بل مع كل يوم جديد نتراجع به إلى الخلف، حتى أودي بنا إلى واد سحيق المهبط لا نعرف، ولا نقوى، على الخروج منه. نتعلق بحبال الهواء، ونتضرع إلى السماء لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ أسئلة ملحة نطرحها على زعماء أنظمتنا الأشاوس أين هو المسلك المؤدي إلى نهاية النفق؟ ما هي استراتيجية التخلص من التخلف والتراجع والتعافي من الألم الدفين في أكبادنا على بلادنا وعلى أنفسنا، هل من مجيب؟ عالم عربي يمتد مساحة كأكبر مساحة في العالم بعد روسيا يختزن من الثروات مالم تختزنه أي أرض على ظهر هذا الكوكب، أين هي، وأين ذهبت، هل من مجيب؟ أين هي جبهة الممانعة، والصمود والتصدي التي تشدق بها الأسد وطائرات دولة الاحتلال تصول وتجول في سمائنا في فسحة شبه أسبوعية وتقتل وتقصف كما يحلو لها؟ جيوش جرارة عرارة لا تتقن من فن الحرب سوى الصراعات البينية واستهداف شعوبها. متى سيتوقف البسطال العسكري من التدخل في السياسة بعد فشله الذريع في حماية البلاد والعباد على مدى عقود؟ هل من مجيب؟ لماذا ندعو دولا أخرى لاستعمارنا من جديد وجدي وأجداد الناس جميعا دفعوا دماء زكية لتحريرنا من الاستعمار القديم، هل من مجيب؟
وألف سؤال وسؤال ولا مجيب.