لم يكن العالم منذ الحرب العالمية الثانية أقرب إلى الحرب العالمية منه في هذا اليوم الذي خصصته الأمم المتحدة ليكون يوم السلام. ففي هذا اليوم يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غازي أوكرانيا التعبئة العامة ويهدد بالسلاح النووي. وهذا الإعلان أخذه الغرب بشكل عام على محمل الجد ويهيء نفسه للأسوأ. بوتين الذي بدأ غزو أوكرانيا مستخفا بصلابة الأوكرانيين أمام "الجيش الأحمر" وبردة فعل الغرب على غزو دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، اعتقد أنها نزهة لجيشه العرمرم تستمر لأسبوع أو أسبوعين، اتضح له بعد سبعة أشهر من الخسارات المتتالية لجيشه العرمرم أن حسابات البيدر اختلفت كثيرا عن حسابات الحقل، خاصة بعد انسحابات جيشه من أكثر من نقطة تم احتلالها سابقا من الأراضي الأوكرانية وظهرت خيبات أمله وهو يعض على أصابعه غيظا ويقيل بعض جنرالاته الذين أخفقوا بتحقيق طموحاته الأمبراطورية ولم يعد أمامه سوى أن يخرج التهديد النووي كما يخرج الساحر أرنبا خبأه في كم معطفه. لم يفهم بوتين ما قال له حلفاؤه رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي:"كم من مرة قلت لك بالهاتف أن الوقت ليس وقت حروب" الرئيس الصيني تشي جين بينغ من جانبه لم يؤيده في غزوه لأوكرانيا أيضا، لكن عقدة "العظمة" المتأصلة دفعته للهروب إلى الأمام بتصعيد عسكري خطير ستكون نتائجه وخيمة جدا على روسيا أولا، وأوكرانيا ثانيا، وعلى العالم أجمع ثالثا وأخيرا، وربما تطورت إلى حرب نووية لا تبقي ولا تذر يقتل فيها مئات الملايين فقط لرغبة من رئيس روسي يمارس حكم روسيا منذ عقدين ونيف غزو دولة جارة له بحجة أنها طلبت عضوية حلف شمال الأطلسي، مع أن بولونيا الجارة الثانية لروسيا وعضوا في الناتو لم يعلن بوتين الحرب عليها، وكذلك المجر وتشيخيا اللتان كانتا من ضمن تكتل الاتحاد السوفييتي وانضمتا للناتو. وقد صرح زعماء الغرب على منصة الأمم المتحدة بأنهم لا ولن يدعو بوتين ينتصر في غزوه لأوكرانيا، واللبيب اللبيب من ألف إشارة و إشارة يفهم.