رسالة إلى البطرك بشار الراعي

البطريرك بشارة الراعي(وكالات)
البطريرك بشارة الراعي(وكالات)

غبطة البطرك المحترم..

أثارت تصريحاتك الأخيرة على شاشة قناة " الجديد" فيما يخص اللاجئين السوريين جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي من فئات مختلفة من المجتمع السوري واللبناني وحتى العربي، بل أثارت السخط أيضا الذين وصفوا هذه التصريحات بالعنصرية وعدم احترام مكانتك الدينية بقولك:"

"فرضت عليكم الحرب الأولى، ولكن إن لم تعودوا إلى منازلكم فأنتم تفرضون على أنفسكم الحرب الثانية، ولا يمكنكم البقاء على حساب لبنان.. بكرا شي واحد يطلعلنا بمرسوم تجنيس".

هذا الكلام غبطة البطرك من الغريب أن يصدر عن رجل دين يدعوه دينه إلى التسامح "هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ قَائِلًا: ٱقْضُوا قَضَاءَ ٱلْحَقِّ، وَٱعْمَلُوا إِحْسَانًا وَرَحْمَةً، كُلُّ إِنْسَانٍ مَعَ أَخِيهِ. وَلَا تَظْلِمُوا ٱلْأَرْمَلَةَ وَلَا ٱلْيَتِيمَ وَلَا ٱلْغَرِيبَ وَلَا ٱلْفَقِيرَ، وَلَا يُفَكِّرْ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَرًّا عَلَى أَخِيهِ فِي قَلْبِكُمْ".

فهل عدم قبولكم اللاجئين السوريين وتخشون تجنيسهم لأنهم مسلمون؟ وبمفهوم أخر لو كان هؤلاء مسيحيين هل كنتم تجرؤون على مثل هذا الكلام، وهل يقبل قداسة البابا هكذا قول الذي وحسب تصريحاتكم أنكم أقنعتموه بضرورة طرد اللاجئين السوريين لأنهم يغيرون معالم لبنان: "البابا كان يريد أن يبقى السوريون في لبنان، لكنني قدمت له تقريرا مفصلا اقتصاديا وإجتماعيا عن تأثيرهم على لبنان وتغيير معالمه". 

غبطة البطرك

يبدو أنكم نسيتم التاريخ القريب قليلا، هل نسيتم أن السوريين استقبلوا إخوانهم اللبنانيين خلال الحرب الأهلية اللبنانية ولم ينصبوا لهم خيمة واحدة، بل فتحوا لهم بيوتهم على مصراعيها؟ ألم تطلبوا من الجيش السوري دخول لبنان لينقذ المسيحيين المحاصرين من قبل الحركة الوطنية اللبنانية المتحالفة مع الفلسطينيين؟ كما ربما نسيتم التاريخ البعيد أيضا فالموارنة في جبل لبنان جاؤوا من شمال سوريا ومرقد مار مارون في شمال سوريا في قرية براد القريبة من جبل سمعان. ثم تشكيل الدولة اللبنانية برمتها التي بدأت بالاستقلال الذاتي للموارنة بجبل لبنان في العام 1860 بأمر من السلطان العثماني عبد المجيد الأول والامبراطور الفرنسي نابليون الثالث، واستكملت مع الجنرال غورو في عهد الانتداب، ثم ضمت منطقة طرابلس وعكار للدولة الوليدة كي تكون قابلة للعيش. ووافق البرلمان السوري على سلخ هذه القطعة من سوريا للبنان الشقيق. ضف إلى ذلك لقد قام السوريون بدعم الاقتصاد اللبناني بإيداعات بالمليارات في المصارف اللبنانية، وبإقامة مشاريع ومصانع ومحلات تجارية وفي الوقت نفسه قدموا العمالة الماهرة الرخيصة. لقد قدم السوريون للبنان أضعاف أضعاف ما قدم اللبنانيون للسوريين. ولا تنسوا غبطة البطرك أن من يقتل السوريين اليوم هم عناصر حزب الله، وهم يحتلون أجزاء كبيرة من سوريا، وحزب الله هو حليف الرئيس ميشيل عون (الماروني)، فهل يمكنكم يا غبطة البطرك ان تطلبوا من حزب الله الانسحاب من سوريا ويتوقف عن قتل السوريين في عقر دارهم.