.الجولاني يبني كيانا سنيا في منظقة إدلب، واللجنة الدستورية في خبر كان

إدلب
إدلب

( عن القدس العربي)

في الوقت الذي كانت فيه عيون العالم تتجه إلى زيارة رئيس الولايات المتحدة جو بايدن إلى الشرق الأوسط، ولمصافحته بالقبضة بدل الكف ليس وقاية من كوفيد، ولقائه ولي العهد محمد بن سلمان وعودته خاوي الوفاض من جولة لم تسفر عن نجاحات متوقعة، يتطور الموقف على الساحة السورية نحو الأسوأ فهي لم تكن حاضرة في هذه الجولة لأنها احتلت المقاعد الخلفية.

إذ كشف زعيم هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا والتي كان ولاؤها للمنظمة الإرهابية القاعدة) محمد الجولاني عن مخطط الهيئة في تحويل منطقة إدلب التي تسيطر عليها الهيئة عسكريا إلى “كيان سني”

ثورة ضد الظلم والطغيان

“المشروع في المحرر لم يعد ثورة ضد الظلم والطغيان وإنما تحوّل لبناء كيان سنّي، لأن أهل السنّة معرضون لخطر وجودي في سوريا، رغم أغلبيتهم وكثرة عددهم، النظام يعمل على سياسة التهجير واستبدال الهوية السنية بهوية أخرى، من خلال تجنيس عدد كبير جداً من الإيرانيين واللبنانيين من أصحاب الطائفة الشيعية.

فكرة الثورة ليست فكرة عسكرية فحسب، ولو أنّ العسكرة هي من أهم الأشياء والسور الذي يحمي المنطقة، لكن اقتصار الثورة على أنها فكرة عسكرية أو أمنية هو توصيف خاطئ للثورة، وإنما هو بناء مجتمع وكيان إسلامي سني يحافظ على هوية وتراث هذا الشعب ويتناسب مع طبيعته وتاريخه”

مشروع الجولاني يحاكي مشروع “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية “قسد” ويعني أن كل من قام بالسيطرة على مساحة من أرض سوريا يقوم بتحويلها إلى “كيان سياسي طائفي أو عرقي” فالكيان الكردي الذي يحتل حوالي ربع مساحة سوريا تحول بأمر الواقع إلى “إدارة حكم ذاتي” بالتناغم مع النظام في دمشق الذي يحميه (تم مؤخرا تشكيل غرفة قيادة عسكرية بين قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية تحسبا للهجوم التركي على تل رفعت ومنبج).

بينما المناطق المحررة في إدلب تواجه يوميا القصف المزدوج السوري ـ الروسي. هذان المشروعان الانفصاليان يفتحان الباب واسعا لكيانات أخرى “درزية” أو “علوية” وهذا ما يصب في مصلحة النظام الذي يسيطر على “سوريا المفيدة” أي المدن الرئيسية من درعا إلى حلب وهي في الواقع “دولة علوية ” تحت مسمى الجمهورية العربية السورية، وهذا “الكيان السني” سيعطي للنظام ولروسيا وإيران الذريعة لاستمرار هجماتهم على المنطقة المحررة بحجة القضاء على “كيان إرهابي طائفي متطرف” مع أن كل مشروع قائم على العرق أو الطائفة مرفوض من الشعب السوري الذي قام بثورته تحت شعار “واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد” فسوريا كانت تضم كل مكونات المجتمع قبل تسلط نظام الأسد على السلطة منذ نصف قرن ونيف.

ويعتبر خيانة لنضال الآباء والأجداد الذين ناضلوا ضد تقسيم سوريا لدويلات طائفية في ثورتهم ضد الاستعمار الفرنسي بقيادة سلطان الأطرش في العام 1925.

فالسوريون يرفضون أن يكونوا تحت حكم أي كيان طائفي، والدليل أن ثورته كانت ضد النظام الأسدي الطائفي القائم. فسوريا هي التي أعطت أروع مثال للتعايش بين جميع الطوائف خلال تاريخها الطويل. وما قاله الجولاني هو وأد للثورة التي اندلعت بهدف بناء سوريا كدولة ديمقراطية مؤسساتية ذات سيادة على كامل أراضيها وتحتضن كل مكوناتها على قدم المساواة على أساس المواطنة دون تمييز. (لم نسمع أي تعليق إلى الآن من النظام أو الإئتلاف المعارض)

اللجنة الدستورية في «خبر كان»

على الجانب الآخر كان من المنتظر التئام الجولة التاسعة للجنة الدستورية السورية في أواخر هذا الشهر، لكن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، أكد أن انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، لم يعد ممكنا.

وحث بيدرسون، في بيان له جميع الأطراف المعنية على “حماية العملية السياسية من خلافاتهم في أماكن أخرى من العالم، والانخراط في دبلوماسية بناءة”.

وقال البيان: “يأسف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا لأن عقد الدورة التاسعة للهيئة الصغيرة للجنة الدستورية التي يقودها ويملكها السوريون، بتسهيل من جانب الأمم المتحدة، في جنيف في الفترة من 25 إلى 29 تموز/ يوليو 2022 لم يعد ممكناً”. وأضاف: “تم إرسال خطابات إلى أعضاء الهيئة المصغرة لإبلاغهم بذلك”.

وكان بيدرسون أبلغ مجلس الأمن الدولي، في 30 حزيران/ يونيو الماضي عن بدء التحضيرات لعقد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية بجينيف في 25 يوليو 2022. كان من المتوقع توقف إعمال اللجنة الدستورية فهي خلال ثماني جولات على مدار السنتين الماضيتين لم يحرز أي تقدم بسبب العملية التسويفية من قبل النظام الذي لا يرغب بتاتا بصياغة دستور جديد يحد من صلاحياته في بناء نظام سياسي جديد قائم على الديمقراطية وتناوب السلطة سلميا، ولو كان يرغب في ذلك لما أعلن الحرب على الشعب وضربه بكل أصناف الأسلحة والكيميائي.

ويضاف إلى ذلك أن الغزو الروسي لأوكرانيا انعكس على الوضع السوري بشكل عام وعلى اللجنة الدستورية الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف قال إن البحث عن مكان جديد لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية اكتسب صبغة سياسية بسبب العقوبات السويسرية ضد روسيا، والدول الضامنة (تركيا، روسيا، إيران) تبحث في استبدال جنيف بمدينة أخرى لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية، وذكرت بعض المصادر أن موسكو أوعزت للنظام السوري بعدم المشاركة في الجولة التاسعة وهذا ما دفع بيدرسون للقول إن انعقاد هذه الجولة بات غير ممكن، وبمفهوم آخر أن المسألة أصبحت مرتبطة بالحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا.

كاتب سوري