كثر في الآونة الأخيرة الجدل حول بعض مسائل الدين، وخاصة ما جاء في بعض سور القرآن الكريم، أو بعض الشخصيات الإسلامية كخالد بن الوليد وسواه، ومؤخرا قام الكاتب المصري يوسف زيدان بإثارة الجدل الديني مرة أخرى في مصر، بعدما أنكر واقعة الفيل، ومحاولة أبرهة الحبشي هدم الكعبة، معتبرا أنها من “الإسرائيليات”. فقد شنّ هجوما على دار الإفتاء المصرية، بسبب رأيها المتعلق بالواقعة. وكتب عبر حسابه الشخصي على “فيسبوك”: “دار الإفتاء تفتي، ربنا يهديهم بفضله، وليعلم الجميع: ليس في القرآن أبرهة، ولا أخوه أصبهه، والروايات الخرافية التي يدافعون عنها بالباطل، رواها كعب الأحبار اليهودي، وتسمى الإسرائيليات”. و أضاف “القصة القرآنية عن أصحاب الفيل، أصحاب وليس صاحبا، تحكي عن حرب المكابيين/ الحشمونيين مع السلوقيين الذين يستعملون الفيلة في الحروب. وأبرهة قديس مسيحي حبشي، لم يذهب إلى مكة، ولا يمكن للفيل أن يمشي من اليمن إلى مكة، والقصة كلها إسرائيلية وتشير إلى سفر المكابيين، وهو من أسفار العهد القديم غير القانونية”. هذا تفسير الكاتب في واقعة الفيل، وهناك من فند بعض السور القرآنية وردها إلى صياغة إنسانية وليس ربانية. وهذه النزعة في تفسير بعض آيات القرآن أو دحضها تأتي في وقت يظهر فيه بالمقابل التطرف، والتيارات التكفيرية التي تغالي في المعتقد الديني وتصل إلى حد القتل باتهامات لأشخاص بأنهم من الكفار إذا لم يتبعوا عقيدتهم المتشددة كما حصل مع الكاتب فرج فودة، أو نجيب محفوظ، وهذا ما حصل مع الطالبان في أفغانستان، والدواعش في العراق والشام، وفي غرب إفريقية مع بوكو حرام وسواها الذين ارتكبوا جرائم مروعة باسم الدين والمعتقدات الدينية وتفسيرات خاطئة للدين. وكلا الحالتين ليس من شأنهما سوى تأجيج العنف الديني، وإثارة المعارك والحروب. فكل إنسان حر بما يعتقد أو يفكر ولكن على ألا يؤذي مشاعر الآخرين ومعتقداتهم. خاصة وأن ما تقدم به الكاتب زيدان ليس مؤكدا ويأتي ضمن حكايات من التاريخ، والتاريخ مليء بالمغالطات، ولا أحد يمكنه أن يؤكد واقعة تاريخية كما وقعت، فكل مؤرخ يكتب حسب موقعه وميله السياسي. ولا أجد شخصيا ما الفائدة من إثارة هذه المسألة التي ليس من شأنها أن تصحح الإصحاح، وكان المأمون قد جمع العلماء ليتناقشوا حول القرآن إذا كان منزلا أو موضوعا ( مخلوقا حسب رواية الطبري)، وأجمع العلماء حينها أن إعجاز القرآن يصعب على الإنسان الإتيان به. ولا يمكن تحريف القرآن أو حذف آيات منه لأنها لا تطابق السرد التاريخي كواقعة الفيل، ومعنى ذلك أن كل من جاء بنظرية تخالف ما جاء في القرآن وتمت المطالبة بتعديل فيه فإن القرآن ستتنازعه الأهواء والآراء وربما نشبت فيه حروب واقتتال، ومن الأفضل أن ينصرف زيدان وسواه إلى الجدل في الأدب والتاريخ ويقدم لنا رائعة أخرى كرائعة عزازيل لأن فيها فائدة للجميع.