تتهم الدول الغربية روسيا هذه الأيام باستخدام الأسلحة الكيماوية في حربها في أوكرانيا وارسلت فرق تفتيش للتحري حول حقيقة استخدامها، واتهم الرئيس الأمريكي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وفي الواقع وإن كانت هذه الاتهامات عارية عن الصحة فإنه تم استخدام السلاح الكيماوي من قبل روسيا وبوتين نفسه سابقا. عدا عن أنه زود حليفة بشار الأسد بها وقد ظهرت في صور التقطت في مطار الشعيرات براميل كتب عليها باللغة الروسية أشارت بعض المصادر إلى أنها براميل أسلحة كيماوية. وقد عمل ما بوسعه لإنقاذ حليفة من ضربة أمريكية بعد استخدامه للسلاح الكيماوي عشرات المرات في ضرب الشعب السوري، كضربة الغوطة وخان العسل، وخان شيخون، ودوما وسواها حيث تم استخدام غاز الخردل والسارين والكلور.
وإذا ما بحثنا علاقة روسيا تاريخيا بالسلاح الكيماوي نكتشف أنها لم تكن أفضل حالا من حليفها النظام الكيماوي في سورية، فتاريخيا استخدم هذا السلاح لأول مرة في الحرب العالمية الأولى من قبل ألمانيا في العام 1915، وكان استخدامه الأول ضد روسيا القيصرية، اذ استهدفها الجيش الألماني بضربتين كميائيتين راح ضحيتهما أكثر من عشرة آلاف جندي، واكتشف العالم فجأة السلاح الغازي القاتل غاز الخردل الذي وصف بسلاح دمار شامل، ولم يكتف الألمان بهاتين الضربتين فألحقهما بثالثة كانت أكثر دمارا وفتكا فراح ضحيتها أكثر من خمسين ألف قتيل.
ولم تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها بعد حتى سقط حكم القيصر نيكولا الثاني في العام 1917 تحت ضربات حزب البلاشفة الذي كان ينادي بنصرة الفلاحين والعمال. وتم تشكيل الجيش الأحمر، ومصادرة الأراضي الزراعية التي باتت ملكا للدولة الشيوعية الفتية. لكن في العام 1921 انطلقت ثورة مضادة في مدينة خيزوف حيث تم تشكيل جيش من الفلاحين أطلق عليه الجيش الأزرق ( كتسمية تواجه الجيش الأحمر) وفي مؤتمر عقد في مدينة تامبوف تم إلغاء سلطة موسكو، وإعادة ملكية الأراضي للفلاحين وانطلق الجيش بقيادة الكسندر أنتونوف لإسقاط لينين في موسكو. وقام القائد العسكري في الجيش الأحمر ميخائيل توخاتشيفسكي بإعطاء الأوامر في 21 تموز/يوليو 1921، بعد ان باتت ثورة الفلاحين تتفشى في جميع أنحاء روسيا، باستخدام السلاح الكيماوي لمحق الثورة في مهدها بعد أن تم وصف رجال الثورة ب" رجال العصابات" ( كما تستخدم اليوم عبارة ارهابيين للثوار السوريين لتبرير ضربهم) وخلال خمسة أشهر من المعارك الضارية واستخدام الاسلحة الكيماوية قتل ما لا يقل عن ربع مليون فلاح البلشفية التي واعتقال اكثر من مئة ألف ( تماما كما يحصل حاليا في سوريا) وتصفية قائد الثورة ألكسندر أنتونوف.
قبيل الحرب العالمية الثانية أخترع الالمان مرة اخرى غازا أكثر خطورة: غاز السارين وقام الروس بتطويره ايضا واخترعوا غاز "السومان" و "في اكس"، وغاز شلل الأعصاب الذي تم استخدامه في اكتوبر 2002 في مسرح دوبروفكا في موسكو وبأمر من قبل الرئيس ( يا للصدف ) فلاديمير بوتين نفسه، بعد أن احتجز فريق شيشاني عدة مئات من المتفرجين كرهائن، فقتل الفريق بأكمله وقتل معه 130 روسيا كانوا متواجدين في المسرح من أصل 800 شخص. وقد تمت ادانة روسيا من قبل المحكمة الاوربية لحقوق الإنسان، فلا يستبعد أن يكون الجيش الروسي اليوم قد استخدم أسلحة كيماوية بحق الشعب الأوكراني