في يوم الثورة، وفي الوقت الذي كان يحتفل فيه السوريون بذكرى ثورتهم المجيدة، استقبلت الإمارات العربية المتحدة بشار الأسد في زيارة له هي الأولى منذ اندلاع الثورة. التوقيت له معنى رمزي ومخطط له مسبقا من الجانبين وكأنه رسالة للعالم بأننا طبعنا مع سورية بالكامل وننوي تعويمه عربيا ثم دوليا، ونطعن الشعب السوري في الظهر لأنه تجرأ أن يثور على نظام نعتبره صمام أمان من تفشي هذه الظاهرة في جسد الأنظمة العربية. وأننا لا نأبه بكل ما حل في الشعب السوري من مآس لم يشهدها التاريخ في شعب آخر. والإمارات هي من بين الدول العربية التي رفضت أن تستقبل لاجيء سوري واحد، في حين أنها احتضنت سابقا كل أفراد عائلة الأسد الفارين، وأولهم عائلة بشرى اخت بشار، وعائلة المخلوف ابن خاله وبالطبع كل أموالهم المنهوبة من خيرات سوريا. وبهذه السياسة تقف الإمارات إلى جانب إيران وحزب الله وكل الميليشيات الطائفية وروسيا الذين أمعنوا جميعا في قتل الشعب السوري وتشريده وتدمير مدنه وقراه. مع أن السوريين يكنون كامل التقدير لدولة الإمارات ولدول الخليج عامة التي احتضنت مئات الآلاف من العمالة السورية، في حين أن نظام الأسد يبحث عن إغراق دول الخليج بإنتاجه الوفير من المخدرات لكسب المال من جهة، وتدمير الدول التي ساندت الثورة السورية فيما سبق. الإدارة الأمريكية دانت الزيارة واعتبرتها خرقا للعقوبات التي فرضتها على النظام السوري، وقالت بأنها تشعر بخيبة أمل وانزعاج عميقين" من زيارة الأسد، واصفة إياها بأنها "محاولة واضحة لإضفاء الشرعية" على رئيس النظام في سوريا، وأن بشار الأسد "يظل مسؤولاً وخاضعاً للمساءلة عن وفاة ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف السكان السوريين قبل الحرب، والاعتقال التعسفي واختفاء أكثر من 150 ألف رجل وامرأة وطفل سوري ونحن لا ندعم تطبيع الآخرين للعلاقات مع الأسد. وكنا واضحين بشأن هذا الأمر مع شركائنا". والغريب في الأمر أن إدارة بايدن غضت الطرف عن تطبيع الأردن لعلاقاته مع النظام السوري وتمديد خط الغاز الواصل إلى لبنان عبر الأراضي السورية، وإدارة دونالد ترامب غطت الطرف عن قصف السوريين بالأسلحة الكيماوية في خان شيخون، وإدارة باراك أوباما غضت الطرف أيضا عن قصف أطفال الغوطة بغاز السارين الذي اعتبرته خطا أحمر، وتخلت عن دعم الثورة السورية، والإدارات الأمريكية ارتكبت أخطاء فادحة بإفساح المجال لإيران التمدد على الأرض العربية وخاصة سوريا، ثم تمركز روسيا في الأراض السورية وعلى شواطئها والتي اليوم أصبحت نقطة تهديد لحلف الناتو. وسوء العلاقات مع الإمارات والسعودية اللتين تتجهان نحو الصين في إشارة تهديدية واضحة للحليف الأمريكي. لقد استفاقت الإدارة الأمريكية من غفوتها بعد أن ظهرت نوايا فلاديمير بوتين الحقيقية في اجتياح أوكرانيا ووضع الغرب بأكمله أمام الأمر الواقع، اليوم هل تعيد الإدارة الأمريكية حساباتها وسياساتها الخاسرة في الشرق الأوسط التي سببتها الإدارات المتعاقبة بعد أن خسرت في العراق، وفي أفغانستان، وفي جيورجيا، وفي القرم، والآن في سوريا، ولكن بعد فوات الأوان وقد "سبق السيف العزل". "