الحكم الصادر عن محكمة كوبلنز الألمانية بحق ضابط المخابرات السابق رئيس قسم التحقيق في فرع الخطيب 251 في دمشق بالسجن مدى الحياة، وهي أرفع عقوبة في القانون الألماني، جاء بمثابة إدانة لنظام الأسد بأكمله الذي ارتكب آفظع المجازر والانتهاكات بحق مئات اللآلاف من الشعب السوري. فضباط المخابرات في الأفرع الأمنية التي انتشرت في جميع أنحاء سورية كفطور سامة في غاب بعد مطر، كانوا يقودون جحافل من القتلة الذين ارتكبوا جميعا جرائم ضد الإنسانية لا مثيل لها في تاريخ البشرية، ورسلان كان واحدا منهم أدين بقتل عشرات المعتقلين، وتعذيب الآلاف، وحالات اغتصاب واعتداءات جنسية. المحامي أنور البني الذي قابله صدفة في ألمانيا وتعرف عليه كان أحد ضحاياه، وهو الذي تقدم بدعوى قضائية ضده التي افضت إلى اعتقاله في العام 2018. هذه المحاكمة تفتح الباب أمام المحاكم الأوربية لتحذو حذوها في حال تم القبض على مجرم متخف تحت عباءة اللجوء كما فعل رسلان. ذلك أن عددا من مجرمي النظام كانوا قد هربوا من سورية في بداية الثورة خشية منهم من سقوط النظام، وإلقاء القبض عليهم ومحاسبتهم، أو أنهم هربوا تحت جنح ظلام خشية أن يغتالهم النظام كما فعل رسلان، وهم الآن منتشرون في أكثر من بلد غربي، وفي المخيمات بهويات مختلفة. اليوم وبعد هذه المحاكمة تتنبه الدول الأوربية إلى احتمالية وجود أشخاص حصلوا على اللجوء فوق أراضيها بهويات مختلفة وهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى ضباط أجرموا بحق الشعب السوري ويصنفون ضمن المجرمين ضد الانسانية. لكن حالة رسلان تدعو لتساؤلات كثيرة، فهو هرب إلى الأردن أولا بعدما شعر بأن النظام بات يهدده، ثم التحق بالمعارضة السورية عن طريق أحمد الجربا الذي كان رئيس الائتلاف الوطني آنئذ واصطحبه إلى جنيف، حيث تم ضمه سريعا كعضو في وفد التفاوض في جنيف ضمن الكتلة العسكرية كمستشار مرافق ( الصورة أعلاه تجمعه مع عدد من شخصيات المعارضة في جنيف في شباط 1914 منهم عماد الدين رشيد، أسعد الزعبي، حسين عبد الله التركماني في فندق ذكر البعض أنه من أملاك عائلة الأسد)، وما يلفت الانتباه أن الائتلاف الوطني لم يصدر عنه أي بيان تأييد لهذا الحكم التاريخي، أو حتى إشارة ما من رئيسه يهنيء الشعب السوري بمحاكمة جلاد من جلاديه. والغريب في الأمر يكمن في سؤال: هل المعارضة التي قبلت عضويته بين صفوفها كانت تعرف تاريخه الإجرامي؟ وهذه مصيبة بحد ذاتها أن تقبل أشخاصا أجرموا بحق الشعب السوري في صلب المعارضة، وفي وفد مفاوضات جنيف دون أن تتحرى عنه، وإذا كانت تعرفه وتعرف ماضيه فالمصيبة أعظم، فحسب شهادة رياض سيف أمام المحكمة أنه كان معروفا من قبل معظم أعضاء الائتلاف لكن أحدا لم يعترض على وجوده كونه قدم نفسه كمنشق ووعد بتسليم ملفات تدين النظام. لكن رسلان لم يزود المعارضة بأي وثيقة تدين النظام أو تكشف عن حجم الانتهاكات الجسيمة التي وقعت ولا تزال في أقبية المخابرات والسجون الأسدية، كما أنه وفي كل اعترافاته ومرافعته الأخيرة لم يتعرض للنظام بل فقط حمل المسؤولية للضابطين العلويين الرفيعين توفيق يونس، وحافظ مخلوف. مع العلم أن رسلان من مواليد الحولة التي وقعت بها أبشع المجازر في العام 2012، وأن عددا من أفراد عائلته قد قتلوا فيها. فلو قام رسلان بكشف ملفات التعذيب، وعمليات القتل بوثائق دامغة حملها معه، لكان قد قدم خدمة كبيرة للشعب السوري، كما فعل "قيصر" وحظي باحترام الجميع، وأنقذ نفسه من المحاكمة وقضاء بقية حياته في السجن. لكنه لم يفعل. ما السبب في ذلك وهو الذي قدم نفسه كمنشق، ومهدد من قبل النظام، وفقد أفرادا من عائلته في أحدى مجازر الحولة التي ارتكبها شبيحة النظام،