في يوم غابر، قبل أن تتحول سورية لمقابر، كنا شبابا يلعب في نفوسنا وسواس الوطن، ويؤجج فينا نار الحمية، كنا عقولا تلعب فيها شعارات وطنية وقومية اكتشفنا بعد غفلة أنها خلبية، وإهانة لذكائنا. ذات يوم صادف وعد بلفور دعونا لمظاهرة تنديد، خرج أستاذ الفيزياء والكيمياء محمد حتاحت الذي لا ينسى قال: يا أبنائي إذا أرتم الانتصار على إسرائيل فبدرس فيزياء او رياضيات وليس بخوار البقر في أذان من أصابهم وقر. ثارت ثائرتنا عليه، ووجه بعضنا له الشتائم.
في يوم المعلم الذي يصادف الخامس من تشرين الأول/أكتوبر تذكرت محمد حتاحت وفي الحلق غصة. لقد كان على صواب، وكنا على خطأ، وما من مآب.
استوقفني مؤخرا، قول الحاخام اليهودي إليعيزر كشتيئيل:
«نحن عنصريون، لأن هناك أعراقا في العالم، وخرائط جينية، وشعوبا بها خلل جيني، ندعوهم لأن يكونوا عبيدا لدينا، العرب يحبون الاسترقاق والعيش تحت الاحتلال.
هناك فروقات بين الأعراق، وهذا بالضبط سبب تقديم المساعدة، وكما نعرف، هناك خلل جيني، وهذا الأمر لا يستدعي التهجم أو الانتقاد، بل تقديم المساعدة، ولأنني أصل إلى إنجازات مثيرة أكثر منهم، في المجالات الأخلاقية والفكرية والشخصية، فمن واجبي مساعدتهم، وعدم إبقائهم كالمساكين. يجب أن نمد لذلك الغير يد المساعدة، ونقول له، تعال لتكون عبدي، فمن واجبي مساعدتك في التقدم، فإذا كان الاحتلال يعني إهانتك، والتهجم عليك، وإبادتك، فهو سيئ، ولكن إن كان الاحتلال يعني النجاح، فأدعوك لتكون شريكا في النجاح، أريد احتلالك وضمك، يجدر بك أن تكون عبدا لدي، أنت تعيش حياة بائسة، فتعال لتكون عبدي لترى الحياة التي ستعيشها، وأي مستوى روحاني وقيمي… توجد لديهم مشكلة جينية، فلا يعرفون كيف يديرون دولة، ولا يتقنون شيئا، انظر إليهم، فهم لا يعرفون كيف يديرون أي شيء. لو أعطيت العرب إدارة الدولة للحظة واحدة, فإن كل شيء سوف يتفكك فورا، لأنهم لا يعرفون، ولذلك لديهم مشكلة جينية، العامل العربي البسيط يفضل أن يكون مشغله يهوديا، وهم يعرفون ذلك، ولهذا، فلنقل لهم تعالوا لتكونوا عبيدا لدينا».
هذا القول ينم عن واقعين: غطرسة وعنصرية الحاخام اليهودي التي تذكر بمقولات عنصرية نازية ضد اليهود أنفسهم تعتمد على نظريات جينية خاطئة، وهو ليس استثناء في دولة عنصرية وعدوانية بالأساس، وضعف وتخلف الدول العربية بسبب أنظمة فاشلة لم يكن لها هم سوى استمراريتها مهما كلف الأمر حتى ولو كان على حساب شعوبها وتقدم دولهم بمحاربة الكلمة وحرية التعبير، واللجوء للتطبيع مع دولة الاحتلال في تحالف لا مبرر له سوى ضعف هذه الأنظمة وفشلها، ومرفوض من قبل الشعوب العربية حتى من الذين وقعت أنظمتهم اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال. وهذا ما جعل حاخاما يهوديا يتجرأ بالقول ليجعل من العرب عبيدا لليهود. ومتى كان العرب عبيدا إلا في هذا الزمن الرديء.. جدا.
هذا الواقع يجعل الأنظمة العربية غير قادرة على مواجهة أي قوة خارجية، وحماية دولهم وشعوبهم. لأنهم منذ البدء كانوا ضد شعوبهم بحرمانهم من الحرية ومن العلم. فمن يخشى الكتاب والعلم، أكثر من تهريب المخدرات لا بد وأن يصل به الأمر إلى الخضوع لمن هو أقوى ويمرغ كرامته بالتراب، ومحتم عليه أن يخرج من التاريخ ثم من الجغرافيا. اليوم كالأمس لا بد من العودة إلى قول محمد حتاحت والكتاب وبناء الدول التي تفرض احترامها على الآخرين ولا تخضع لسيطرتهم وتحويل شعوبهم إلى عبيد، وتبجيل المعلم وليس الحاكم، وبدرس فيزياء كما قال أستاذنا القدير محمد حتاحت "الله يرحمه" يمكننا ان ننتصر.
يقول أمير الشعراء
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.