لم تختلف حفلات التزييف والتصفيق عن سابقاتها في مراسم خطاب القسم الذي ألقاه رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد مسرحية الانتخابات الملفقة والمعدة سلفا لفوز " القائد الملهم" حسب وصف بعض المصفقين.
خطاب غلب عليه لغة الإنشاء، والشعارات الرنانة التي تعود النظام علكها منذ أن تسلط" الأب حافظ " على السلطة في العام 1970 وأسس لدولة الشعارات الجوفاء، لاستكمال عمليات الخداع، والتخفي خلفها، لينسج نسيجا غريبا عن الشعب السوري، نسيج الطائفية، والعرقية، والمحسوبية، وتضليل الأقليات، والفساد بأجلى صوره، والمجازر بالشعب السوري، ويأتي الوريث ليفوق المورث، في دروس الخداع، والإجرام، بطلاء الكلام الإنشائي المنمق: " إن الشعب حمى وطنه بدمه وحمله أمانة في القلب والروح، فكان على قدر مسؤوليته التاريخية حين صان الأمانة وحفظ العهد وجسد الانتماء في أسمى معانيه والوحدة الوطنية في أبهى صورها" هل هذا كلام يقبله ذو لب عايش تهجير شعب بأكمله، وشاهد بعينه المجردة الإمعان بعمليات قتله بكل الأسلحة المتاحة حتى الكيماوية منها ، تلك التي كان الأب المورث قد وضعها تحت شعار:" التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل"، في الوقت الذي كان فيه حبيبا مخلصا " لعدونا الأول " بخيانة الجولان الرخيصة.
يقول الوريث: "رهان أعداء سوريا في المرحلة الأولى من النزاع كان على خوف الناس من الإرهاب و"تحويل المواطن السوري إلى مرتزق يبيع وطنه". من باع الوطن؟ المواطن السوري الذي دفع ضريبة الدم في كل الحروب التي خيضت ضد إسرائيل ؟..أم نظام هرب من الجولان في عهد المورث، والوريث جلب روسا وفرسا إلى مخدع سورية ووقف يتلصص من خصاص باب قصر المهاجرين على سفك دماء السوريين من ميليشيات، ومرتزقة، ودولة عظمى جربت كل أسلحتها باللحم السوري؟ يقول صاحب القسم: الذين "هجروا وخطط لهم أن يكونوا ورقة ضد وطنهم فقد تحولوا إلى رصيد له في الخارج يقدمون أنفسهم له أوقات الحاجةّ".إن الذي هُجروا (بضم الهاء) هم الذين دافعوا عن سورية ليخلصوها من براثن نظام جاثم فوق صدرها زهاء نصف قرن ونيف، ومازالوا يناضلون في المنافي من أجل سورية محررة وبناء الدولة الديمقراطية المؤسساتية، وليس دولة الارتهان للمستعمرين الجدد وبيعهم سورية" مفروشة".
يتابع: "إن السبب الأهم للنزاع السوري هو غياب القيم". من غابت عنه القيم أصبح واضحا فثورة الشعب السوري المجيدة كشفت الستر عن المزيفين وعديمي القيم، وعديم القيم لا قيمة له، ومن يملك القيم لا يقتل شعبه، ولا يبني سجونا بدل المدارس، ولا يؤسس لدولة المخابرات والتجسس والتلصص على الناس ثم قتلهم تحت التعذيب فقط لأنهم قالوا بالفم الملآن: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وشعاراتهم نبعت من أكبادهم، وصدحت بها حناجرهم: "واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد. " وليس شعارات الزيف المكشوف "أمة عربية واحدة.." شعار أوصلنا إلى تقسيم سورية، وسواه من الشعارات التي على من أطلقها أن ينقعها ويشرب ماءها.
يقول صاحب خطاب القسم "إن أحد أكبر العوائق التي تواجهها سوريا يكمن في تجميد أموالها في المصارف اللبنانية والتي تقدر بما بين 40 و60 مليار دولار. وهنا نتساءل : لماذا أموال الدولة السورية مجمدة في مصارف لبنان؟ أم هي أموال مهربة لعائلة الأسد وحاشيته؟ وكيف خرجت هذه المبالغ الفلكية من سورية دون علم 14 جهاز مخابرات، يعرفون أين أخفى القرد ابنه؟ وهل يعقل أن مبلغا يقدر بميزانية سورية لعام كامل أن يوضع في مصرف لبناني؟ ولماذا؟ ويطول الغوص في خطاب"قسم يكرس الانقسام" ويحمي المحتل، ويستمر في الخداع، والكراهية، والكذب، واحتقار ذكاء الناس، والضحك على الذقون.
يقول المتنبي:
وهبني قلت هذا الصبح ليل ٌ أيعمى العالمون عن الضياء