ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها جيش الاحتلال الهمجي ثالث الحرمين الشريفين، وينتهك حرمته، ويقتل المصلين فيه. أمام أعين العالم أجمع، ولا أحد يحرك ساكنا، كل ما صدر عن بعض زعماء دول العالم "المتحضر" وعلى رأسهم الولايات المتحدة لا يتعدى تصريحات للاستهلاك المحلي، وكل ما صدر عن دول العالم الإسلامي أيضا لا يختلف كثيرا. أما الدول العربية التي تعتبر القدس "عروس عروبتها" وقفوا بعيدا يسترقون السمع على وقع الهجمة الهمجية، الدول العربية التي طبعت سابقا، والتي هرولت للتطبيع مع دولة الاحتلال والعنصرية لاحقا، وضعت قضية فلسطين جانبا. ونظرت بأنانية الدولة لمصالحها الضيقة، أما من تشدقت، وشكلت جبهة صمود وتصدي، وصدعت رؤوس مواطنيها بشعار الممانعة والمقاومة وعلى رأسها النظام الحاكم في دمشق، ونظام الملالي في إيران، وصنيعه حزب الله، فلم يتعد القول إلى الفعل رغم أن طائرات دولة الاحتلال والعنصرية تقصف مواقعهم بوتيرة شبه يومية، تدمر منشآتهم، وتقتل أفرادهم. والرد سيكون "في الوقت والزمان المناسبين" على حسب المقولة المجترة بعدد الهجمات. اليوم يجب أن تقف دول العالم أجمع أمام مسؤوليتها الأخلاقية على أقل تقدير، وتحترم مبادئها الرافضة للاحتلال، والداعية لاحترام دور العبادة، وحقوق الانسان. إن دولة الاحتلال والعنصرية تؤكد اليوم، وككل يوم، بأنها دولة خارجة عن القانون، أنها لا تحترم أدنى حقوق الانسان الفلسطيني، وهي تسعى باستمرار لقضم أراضي الفلسطينيين وبناء المستوطنات عليها، وآخرها حي الجراح. هذا الحي التاريخي الذي سمي باسم طبيب الناصر صلاح الدين الأيوبي. لقد ترك الفلسطينيون، للأسف الشديد يزيلون شوكهم بأيديهم بعد أن تخلت عنهم الأنظمة العربية، وبعد أن استغلت قضيتهم لعقود طويلة لتسبغ على نفسها شرعية لا تستحقها. هذه الأنظمة لم تعد تحتاج لهذه الشرعية بعد أن باتت دولة الاحتلال والعنصرية حليفا، ومنقذا، وسندا لها. لقد استصرخت امرأة يوما الخليفة المعتصم: وامعتصماه، وقد قبض عليها من قبل عسكر الروم في عمورية وجروها إلى السجن، فما كان منه عندما سمع بخبرها أن أرسل جيشه وانتصر على الروم وأخرج الإمرأة من السجن. وأنشد أبو تمام، ابن حوران، السيف أصدق أنباء من الكتب.. اليوم سمعت امرأة تصرخ في ساحة الأقصى آخر معاقل شرف الأمة: وا إسلاماه، وا إسلاماه.. ولكن لا حياة لمن تنادي.