سياسة "خيار وفقوس"

طبق خيار وفقوس
طبق خيار وفقوس


 "خيار وفقوس" مثل شعبي سوري يقال عندما يتعلق الأمر بشخصين، أو مشكلتين ونفضل أحدهما على الأخر بطريقة غير عادلة. واليوم إذا أردنا أن نطبق هذا المصطلح فلا أجلى من مسألتين عالميتين عويصتين احداهما تعلعل منذ سبعة عقود ونيف وهي القضية الفلسطينية، ويتجاهلها الغرب الذي كان السبب فيها، وأخرى حديثة تتمثل بغزو أوكرانيا من قبل روسيا منذ أكثر من ثلاث سنوات واحتلال أراض فيها، التي هب الغرب بأكمله لنجدتها. وبالأمس أجتمع قادة أوربا بالرئيس دونالد ترامب في واشنطن بوجود الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي للتشاور في اتخاذ موقف موحد لدعمها. وهذا هو الظلم الفادح الذي لا تخطئه عين بصيرة في تفضيل قضية على أخرى فقط لاعتبارين إثنين: أوكرانيا دولة أوربية ومرشحة لتكون عضوا في أوربا وربما في حلف الناتو، ودولة مسيحية، اما فلسطين فهي عربية ومسلمة بالإضافة إلى أنها محتلة من قبل الحليف الأول للغرب في الشرق الأوسط: إسرائيل. وإذا ما قارنا بين القضيتين على المستوى الإنساني فلا مجال للمقارنة بين ما تكبده الشعب الأوكراني من خسائر بشرية ومادية بما خسره الفلسطينيون على مدى سبعة عقود ونيف من احتلال أراض، وجرائم قتل، وتدمير بنى تحتية وسكنية، وتهجير وتجويع. لم ينصف الغرب الشعب الفلسطيني الذي كان السبب في مآسي غزة والضفة الغربية، بل غض الطرف عن كل جرائم الاحتلال، ولم تجرؤ دولة أوربية واحدة على إدانة إسرائيل بوضوح، أو أنها فرضت عليها عقوبات، بينما كانت الإدانة ضد روسيا سريعة وتطبيق العقوبات عليها أسرع. الغرب اليوم يسعى جاهدا لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا عن طريق التفاوض بعد أن فشل في دعم أوكرانيا عسكريا لصد الهجوم الروسي، لأن الجيش الروسي كان يتقدم باستمرار في الأراضي الأوكرانية ويحرز انتصارات متتالية. بينما الأسلحة الغربية فيما يتعلق بفلسطين كانت تذهب بآلاف الأطنان إلى الدولة الحليفة المعتدية والمحتلة لأراضي فلسطين. بل إن أمريكا كانت تطرح مشروع مشاركة في احتلال غزة وتحويلها إلى "ريفييرا"، وبريطانيا تعتبر منظمة "فلسطين أكشن" منظمة إرهابية وتحذر الكاتبة الإيرلندية سالي روني من التبرع بعائداتها لها، وتسعى كل الدول الغربية لوقف المظاهرات المنددة بإسرائيل وقتلها للأطفال جوعا. فلماذا يجتمع الغرب كاملا اليوم في واشنطن، ولا يجتمع من أجل فلسطين؟ باختصار فإن الغرب ينتهج دائما سياسة الوزنين والمعارين عندما يتعلق الأمر بفلسطين، أو بحسب المصطلح السوري ينتهج سياسة "خيار وفقوس".