صدمني خبر رحيلك يا زياد، يا قريبا من قلوب ملايين من عرفوك، أو تابعوك، أو حفظوا أغانيك عن ظهر قلب، وأنا منهم لأني أضيف إلى عشق الموسيقى والكلمات البسيطة التي تتحول إلى أيقونات موسيقية بين أصابعك لا تنسى لأننا كلما سمعناها تدخل إلى قلوبنا السعادة. أضيف مواقفك النبيلة من نبذ الطائفية علة بلادنا التي لم نبرأ منها والتي برزت في حرب لبنان، وفي سوريا، فكل مسرحياتك الملتزمة عكست أمراض المجتمع التي فجرت هذه الحرب، وموقفك من القضية الفلسطينية لأن جذورك منها، وبساطتك وصراحتك في قول كلام الحق. يا ابن عاصي وفيروز جمعت في شخصك عبقرية أبيك الموسيقية، وشموخ أمك هذه الفنانة التي لا تنجبها أمة إلا كل مئة عام أو ربما أكثر. عائلتك الرحبانية طبعت أجيالا كاملة بسحر الموسيقى، وفن الأوبريت الغنائية الهادفة، ونحن السوريين لا ننسى كل ما قدمته الخالدة فيروز من أغان لسورية، ولفلسطين. وروائعها في الأندلسيات والموشحات التي أحيتها مذ قيلت في قرطبة وغرناطة. اليوم رحلت يا زياد ورحل معك عصر كامل: عصر الرحابنة. الفراغ سيكون كبيرا برحيل الكبار، هذا الفراغ الذي من الصعب أن يملأ، كما لم يملأ أحد في مصر الفراغ الذي تركته الهرم الرابع أم كلثوم خلفها، وإلى اليوم ما زال فن أم كلثوم حيا في وجدان كل عربي، والعظيمة أم كلثوم هي أيضا في وجدان كل عربي، برحيلك أيها الرحباني ترحل آخر أيام الزمن الجميل. لكم سنفقد ظهورك على الشاشات، وسماع كلماتك، وروحك المرحة. لن نوفيك حقك يا زياد مهما بلغت بلاغة الكلام، بكلمتين فقط أقول لك كما سيقول الملايين: لن ننساك وكيف لا وأنت وكل عائلة الرحابنة في قلوبنا.
زياد وداعا.