يحزننا ويؤلمنا مقتل وإصابة عشرات السوريين في المواجهات بين فصيل من الموحدين في جبل العرب والقوات الحكومية. فهذه الفتنة التي أفضت إلى الاقتتال السوري ـ السوري لا يخدم أحدا، وليس في صالح سوريا التي تضمد جراحات نصف قرن ونيف من عائلة الإجرام الأسدية، فالوقت ليس للاقتتال وإنما للبناء، والتعافي، وإصلاحات جوهرية في العمق في كل مجالات الحياة في سوريا الحبيبة. إن ما جرى في الساحل السوري، وما جرى في جبل العرب، وما يجري في الجزيرة شرق الفرات، والإجرام بحق مسيحيين أثناء الصلاة في كنيستهم مرفوض تماما، ولا بد من وضع الحلول السريعة والدائمة لكل مشكلات الشحن الطائفي والعربي والمذهبي. ففي تفكك اللحمة بين كل مكونات الشعب السوري لا يخدم سوى أعداء سوريا وعلى رأسهم دولة الاحتلال المارقة التي لم تتوان عن الاعتداء على قوات الأمن بحجة حماية الموحدين. وبالطبع هذا محض هراء فهذه الدولة المارقة لا يهمها سوى تمزيق سوريا وقد صرحت أكثر من مسؤول فيها بأنها تسعى لتقسيم سوريا.
ولكن إذا عدنا لأحداث السويداء التي جاءت بعد حرائق الساحل فإننا نتساءل هل جاء هذا التوقيت مباشرة بعد حريق الساحل بشكل متعمد؟ وما الهدف منه؟ إن مجريات الأحداث تبين أن مجموعة من عشائر البدو اشتبكت مع مجموعة من الموحدين فأودت بحياة عدة أفراد من كلا الطرفين، ما أضطر وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية التدخل لفض الاشتباكات، لكن بعض أفراد من مجموعة الشيخ حكمت الهجري المطالب بحماية دولية، ورفض دخول أي قوات رسمية إلى جبل العرب واصفا إياهم بالتكفيريين، (والذي لا يمثل كل الموحدين الذين يرفضون مواقفه وسياسته ومهاجمته للإدارة الجديدة، وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا لم يطالب الهجري بحماية دولية عندما انتفض الموحدون في السويداء في انتفاضة الكرامة وقام النظام بقتل العديد منهم، ولماذا صمتت إسرائيل ولم تقدم نفسها كحامية للموحدين )قاموا مباشرة بمواجهة القوات الحكومية وأوقعوا عدة قتلى وجرحى في صفوفها، وهذا ما دعا الإدارة الجديدة إلى تعزيز قواتها لبسط الأمن في المدينة وريفها، واسفرت هذه المواجهات التي لم يكن لها أن تتم لو لم يتعرض مسلحو الهجري للقوات الرسمية، مع أن الحكومة الجديدة وبعد عدة استفزازات، والتعرض لرئيس المحافظة المعين من الحكومة لم ترسل أي قوات إلى داخل محافظة السويداء تحاشيا لمشادات، أو اشتباكات، وخاصة بعد أحداث جرمانا، وأشرفية صحنايا، لكن بعد الأحداث الأخيرة انتبهت إلى هذا الخطأ بعد بسط سيطرتها على كامل التراب السوري، وحماية المواطنين. ما جرى في هذه الأحداث المأساوية التي لا يقبل بها أي سوري لا بد من التأكيد على أن الشعب السوري يؤكد دائما على ثوابته:
ـ رفض كل أشكال التحريض الطائفي والعرقي من أي طرف كان
ـ رفض كل محاولات فلول النظام السابق من السعي إلى تجزيء سوريا على أساس طائفي وعرقي
ـ رفض تدخل دولة الاحتلال المارقة بالشأن السوري، واعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية
وعليه فإن على الإدارة الجديدة، ولعدم تكرار مثل هذه الأحداث الأليمة بسط سيطرتها وسيادتها على كامل التراب السوري. وحصر السلاح بأيدي الدولة، وكل من يخالف يحال إلى القضاء. وننوه إلى عدم التعرض لكرامة أي شخص يقع بين أيدي القوات الحكومية، أو إهانته بالضرب، والشتم. فهذا ليس من شيم السوريين، ولا من سلوك رجال دولة يحترمون أبناء بلدهم.
نتمنى على كل سوري مهما كانت انتماءاته أن يفكر بمصلحة سورية والسوريين. وإعادة اللحمة بين جميع مكونات الشعب السوري والعمل سويا يدا بيد لبناء سوريا الجديدة.