يقال إن الفرعون كان يوهم المصريين بأنه قادر على الخلق وإحياء الموتي وكان وزيره هامان يستلم شكاوى الناس، ذات يوم جاءته فلاحة تطلب من الفرعون أن يحيي عنزتها الميتة ولما أبلغ هامان الفرعون بطلبها قال له قل لها سأحييها لها فرد عليه هامان: "على هامان يا فرعون".
اليوم ينصب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه فرعون على العالم، فمع كل صباح يتحفنا بمقدرة جديدة وكأنه مارد خرج من قمقم بمقدوره أن يلبي أي رغبة تخطر على باله، فمرة سيجعل من غزة ريفييرا الشرق الأوسط، ومرة يريد أن يضم كندا، وأخرى يريد أن يشتري جزيرة غرين لاند، ومرة يريد أن يغزو بنما، ولا يتوانى عن فرض رسوم جمركية بنسب فلكية على الصين وسواها وحتى على الدول الفقيرة ليزيدها فقرا، وفي نسخته الرئاسية الأولى لا ننسى كيف وقع على سيادة دولة الاحتلال على الجولان السوري المحتل وكأن الجولان ملك أبيه، وهذا رغم أن كل قرارات الأمم المتحدة تؤكد عدم شرعية الاحتلال وبالأمس خرج علينا بتقليعة جديدة أنه يريد أن يرغم مصر وبنما بالسماح للبواخر الأمريكية العسكرية والتجارية بالمرور بقناة بنما والسويس مجانا، يا سلام.. والأنكى من ذلك أنه يقول بأن لولا أمريكا لما وجدت قناة السويس وقناة بنما، وقد جاء تصريحه في الذكرى 166 لبدء أعمال حفر قناة السويس في 25 نيسان/ أبريل 1859ويبدو أن سيد البيت الأبيض يجهل تاريخ العالم وتاريخ بلده، كأنه لا يعلم أن أمريكا في ذاك التاريخ كانت تعيش أسوأ فترة في تاريخها بعد أن دخلت في حرب أهلية دفاعا عن العنصرية الممارسة ضد السود التي استعبدتهم ورفضت تحريرهم وتم اغتيال الرئيس ابراهام لينكون الداعي لتحريرهم، وكان رعاة البقر (الكاوبوي) لا يزالون يحتكمون لمسدساتهم لحل خلافاتهم. ولم يعلم "فرعون العالم" بأن قناة السويس حفرت على أرض مصرية وبأيد مصرية وقد مات فيها أكثر من 150 ألف مصري على مدى عشرين عاما، ولم يعرف فرعون العالم أن الرئيس المصري جمال عبد الناصر قد أمم قناة السويس في العام 1956 وتعرضت مصر لأشرس هجمة استعمارية من قبل فرنسا وبريطانيا وإسرائيل في حرب السويس وأن أمريكا نفسها وروسيا قد اتفقتا على إصدار تحذير للدول الغازية بالانسحاب الفوري من مصر. ولم يدر أن تصريحه هذا جاء بعد يوم من احتفال مصر بالذكرى 43 لتحرير سيناء من الاحتلال الصهيوني ولكن يبدو أن فرعون العالم يسعى لبسط عهد استعمار جديد، إذ فاجأ مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، الجميع بإعادة نشر تدوينة ترامب، مؤكدا أنه أن بلاده "لا يجب أن تدفع رسوما مقابل عبور قناة تدافع عنها"، ما فاقم حدة الجدل وتساءل البعض: من يحمي قناة السويس؟، هل الجيش المصري أم الأمريكي؟.
وسبق حديث ترامب، قيام لجنة الشحن البحري الفدرالية الأمريكية في آذار/ مارس الماضي، بالتحقيق حول "نقاط الاختناق البحرية العالمية"، وبينها قناة السويس، في محاولة أمريكية للضغط على الدول مالكة تلك الممرات للحصول على تخفيضات لسفنها، ولم تعلم الإدارة الأمريكية برمتها (التي لم تستطع أن تحمي حتى سفنها المارة من باب المندب المهددة من الحوثيين) أن
حركة المرور بقناة السويس تحكمها اتفاقية القسطنطينية المبرمة في 29 تشرين الثاني/ أكتوبر 1888، بين فرنسا والنمسا والمجر وإسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا وروسيا وتركيا، بما يضمن حرية المرور بها في السلم والحرب، مع احترام السيادة الكاملة لمصر على القناة.
المصريون سخروا من هذا الكلام. المصري أيمن نور قال إن "كلام ترامب يحمل في طياته تهديدا مبطنا باستخدام سلاح العقوبات الاقتصادية والسياسية، حال لم تخضع مصر لما تراه واشنطن، وقال السياسي والإعلامي المصري الدكتور حمزة زوبع: "هناك ما يشبه الجزية يفرضها ترامب على العالم، وجاء دور مصر، السياسي والأكاديمي المصري الدكتور محمد محيي الندين، قال إن "ترامب التاجر الجشع الذي لا يشبع معتمدا على مجموعة بلطجية يحملون الأسلحة البيضاء بوجوه منافسيه من التجار وزبائنه من الدول والحكومات هو المحرك الرئيس لترامب السياسي
وطالب الخبير في الإدارة والاستراتيجية الدكتور مراد علي، مصر بالرد، ومواجهة ترامب، كما تصدت رئيسة المكسيك، ورئيس بنما، ورئيس وزراء كندا، ورئيس البرازيل، علنا على تصريحات ترامب. .فليس على هامان يا فرعون.
ألى الآن لم يصد أي رد فعل من السلطات المصرية
قالو لفرعون من فرعنك، قال لم أجد أحدا يردني