زخات ورود بدل البراميل

حوامة ترمي الورود على المحتفلين بغيد الثورة السورية المجيدة
حوامة ترمي الورود على المحتفلين بغيد الثورة السورية المجيدة

ثورتنا المجيدة انطلقت من حناجر شباب الحريقة في 15 آذار/ مارس 2011 ردا على انقلاب 8 آذار/ مارس 1963 "والحركة التصحيحية" عام 1970 التي أدخلت سوريا والشعب السوري في نفق مظلم طويل دام 53 سنة. و 18 آذار/ مارس 2011 هو يوم الكرامة، وبداية النزيف السوري الغزير كسيل جارف خلال 14 سنة من التوحش اللاإنساني. من انطلاق آلة القتل الممنهج في الأقبية العتمة، تحت عصف البراميل المتفجرة، وريح الكيماوي، وتهجير الملايين، والمقابر الجماعية، والمآسي التي طالت غالبية الشعب السوري، جاء الثامن من كانون الأول/ ديسمبر ليكون يوم النصر على الطاغية ونظامه الباغي كنهاية للنفق المظلم الطويل، فصار للسوريين ذكرى تاريخية جديدة في مفكرتهم، ذكرى التحرر من الطاغية ابن الطاغية، وبزوغ فجر الحرية والانعتاق مما لا يطاق. كل منا نحن السوريين دفع ثمنا ثمينا ليرى هذا اليوم. يوم سقوط الطاغية في مزبلة التاريخ، وأي مزبلة، ويوم تنسمنا ريح الحرية التي دفعنا ثمنها دما ودموعا وعذابا دون حساب. التاريخ قال أن مزبلته حوت على طغاة كثر، لكن طاغيتنا تصدر الطغاة بطغيانه وكان أسوء خلف لأسوأ سلف. اليوم وإن اختلف السوريون على زمان ومكان انطلاق ثورتهم المجيدة فإنهم يتفقون جميعا على يوم النصر، هذا اليوم الذي شهد السوريون الورود تتساقط على رؤوسهم من الحوامات التي كانت تحوم في سماء المدن السورية والتي كانت بالأمس تسقط البراميل المتفجرة كأرخص سلاح لقتل وتدمير أكبر عدد ممكن من البشر والحجر. فلا يوجد تعبير أقوى من تعبير هذه الرمزية التي تجسد فعل القتل العشوائي السابق، وفعل المحبة والأمل والتآخي بين السلطة والشعب. هذه هي سوريا الجديدة التي نتطلع إليها، وهذا هو الشعب السوري الذي يطمح أن تكون لغته لغة الورد والياسمين بين مكوناته، لا لغة الدم والرصاص، ولغة الحقد الطائفي الأعشى، والتعصب والأعمى، لغة المستقبل المشترك والعمل سويا لإعادة إعمار بلدنا بلد الحضارة وجعلها تسطع من جديد حاملة نبراس الحرية، والعمل، والبناء، والتقدم في معارج الحضارة، واللحمة، والتعاضد، والتحدي، والتصدي لكل من يعبث بوحدة سوريا أرضا وشعبا، وكل من تسول له نفسه العودة للوراء فقطار التغيير انطلق على سكته إلى آفاق جديدة رحبة ولن ينتظر المتخلفين، ولن يرحم من يريد تعطيل تقدمه. لنتفق جميعا على الأسس الصحيحة لبناء وطننا بعيدا عن الأحقاد والتناحر، والتصلب بالرأي، وحنين البعض إلى الماضي المظلم البغيض كبديل يرتكبون من أجله أبشع الجرائم. لأنهم لم يطيقوا رؤية النور لن يتحقق، فمن الأفضل لهم إذا صعب على أبصارهم رؤية الشمس أن يمكثوا في غيهم وظلامهم يعمهون لأن الشعب السوري مقيم تحت شمس الحرية ما قامت ميسلون.