الدعارة السياسية الدولية في الماخور السوري

كاريكاتير
كاريكاتير

ليس مستحيلا أن تتحول دولة إلى ماخور عندما تسطو عصابة قوادين على السلطة في تلك الدولة وتحاول إدارتها بما تملكه من مهارات وخبرات القوادة التي لا تملك ولم تتقن غيرها.

هذا على الأقل ما أثبتته عصابة السلطة التي وضعت يدها على الدولة السورية وحولتها عبر سنين حكمها إلى ماخور كبير تدار منه وفيه أخسّ خدمات الدعارة السياسية الدولية.. وبفضل ذلك تحولت سلطة العصابة الحاكمة إلى سلطة وظيفية تقدم خدماتها للعموم الدولي مقابل استمرارها في إدارة الدولة – الماخور.

   الشعب السوري المقهور طوال عقود، أفاق من غيبوبته منذ عقد واكتشف – أو تجرأ على الجهر – أنه مجرد كائن مسلوب الحقوق، يعمل بالسخرة لخدمة مجموعة من القوادين واللصوص لم تكتف بنهب مقدرات وثروات أغنى بلد عربي نسبة لعدد سكانه، وأنه لا يعيش في ظل دولة لها مؤسسات يتعين أن تقدم له خدماتها التعليمية والصحية وتحمي حقوقه الدستورية والقانونية.. اكتشف أنه مجرد كائن منكفىء عن تطور البشرية يعيش حياة بلا ملامح وبلا طموح وبلا مستقبل في ظل عصابة عندها شره للنهب والاستئثار لا ينتهي فجأر بالصوت أن كفى.. لقد آن أوان التغيير.

   كل ضباع العالم اجتمعت عليه ونهشت في جسده بالقتل المباشر مرة وبالصمت والمواربات السياسية مرات، فهذي الضباع تدرك خطورة أن يقفل الماخور وتطرد عصابة القوادة التي تديره ويستعيد السوريون دولتهم.. وتدرك أن تغير المشهد السوري يعني تغييرا كبيرا في البنى والأدوات والأجندات السياسية في المشرق العربي كله وهو ما يهدد سياسات واستراتيجيات دولية رسمت طويلا لهذه المنطقة ليس من بينها بالقطع ما يخدم أو يلبي احتياجات ومطالب شعوبها فكان لابد من التدخل لوأد هذا الحراك وإعادة صياغة معطياته ومخرجاته بطريقة تحرم السوريين من استعادة دولتهم وإدارتها بقرارهم الحر ، وتبقي على الماخور مع إمكانية إدماج قوادين جدد في منظومة الإشراف والإدارة أو في أسوأ الأحوال السماح لهؤلاء بافتتاح مواخير أخرى في مناطق تموضعهم مع إبقاء حق التمثيل الحصري لهذه المواخير في علاقاتها الخدمية العابرة للحدود لأصحاب الأقدمية في تقديم خدمات الدعارة السياسية الدولية.

   هذا هو باختصار فهمي المتواضع وقراءتي لفأل فنجان قهوة السوريين وهم على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة مكررة للماخور السوري، يحتل المسرح فيها قاتل مأجور وقوّاد دولي سيعلن من جديد انتصاره علينا في ظل تمتمة دولية تهمس بخجل عذارى مدّعى أنهم لن يعترفوا بشرعيتها ولا شرعية نتائجها (!) لكنهم يبقون على سفرائه في دولهم ويبقون على سفيره في منبر الأمم المتحدة ينبح في كل اجتماع عن مواجهة المؤامرة وحتمية الانتصار عليها فيما يجبر السوريون على التفاوض مع مغتصبهم وقاتل أبنائهم أن يكون لهذا الماخور شرعة مكتوبة تنظم العمل والخدمة فيه وتحدد لكل قوّاد دوره وسقف ونطاق صلاحياته بينما صار نصف السوريين مشردين في الخيام وفي مشارق الأرض ومغاربها ونصفهم الآخر جائعا متسولا يبحث عن لقيمات من بقايا ما يرميه سكارى الماخور من فضلاتهم.