سوريا بين أيديكم أعيدوا لها مجدها.

سوريا المستقبل
سوريا المستقبل


خلال نصف قرن ونيف كان السوريون يتطلعون للتخلص من كابوس العائلة الأسدية المجرمة، خلال هذه الفترة شهدت سوريا تحولات مختلفة، وتدخلات من قوى إقليمية، وعربية، ودولية، منها من كان يريد تفتيتها، أو الهيمنة عليها، أو وضعها تحت وصاية، أو احتلالها كليا أو جزئيا. المؤامرة على سورية كانت كبيرة، ولا تزال كبيرة. النظام المجرم، الخائن لسوريا والسوريين كان السبب الرئيس في كل ما جرى على الأرض السورية من ويلات، وتدخلات، وصراعات بين قوى مختلفة. اليوم وبعد سقوطه لم تنته المعاناة السورية من مخلفات الماضي المظلم لهذا النظام، فنصف السوريين لايزال مشردا، والنصف الأخر لا يزال يعاني من شظف العيش، وآلاف العائلات لا تزال تبحث عن ذويها في السجون والمقابر الجماعية، وكل سوري متضرر، ومفجوع، ينتظر نصب ميزان العدالة ومحاكمة المجرمين. ولا تزل جغرافية سوريا مقسمة، وجيوش أجنبية تتمركز فيها. الاقتصاد السوري لا يزال في غرف الإنعاش. والوجه السياسي لم يتوضح بعد، فهناك مؤتمر وطني يجب أن يعقد ليحدد وجه سوريا السياسي الجديد، بدستور يضمن المشاركة لكل مكونات الشعب السوري. ويرسم خارطة طريق متينة تسير سوريا على مهتداها. فالمسار لا شك عسير، وطويل، ويحتاج لجهود كبيرة، وصبر، وحكمة، وتلاحم كل القوى لمصلحة الوطن ولا شيء سوى الوطن. والمسؤولية لا تقع على أولي الأمر والحل والعقد، بل على كل سوري، فالبناء يبدأ من الفرد، فالجماعة، فالأمة. كل من يضع حجرا فوق حجر لإعادة البناء دون انتظار، وكل من ينظف رواسب الماضي، ويزرع شجرة، أو وردة، كل من له المقدرة بالمساهمة بمال، أو عتاد، كل من يقدم خدمات مجانية لمحتاجيها من طب، وهندسة، ومعرفة، وتعليم. كل من باستطاعته أن يآلف بين القلوب، كل من يقف في وجه الطائفية، والعرقية، والمناطقية، والطبقية، والظلامية بخطاب واع، فكلنا سوريون، وكلنا لسوريا، سوريا الحضارة، وسوريا الإبداع، سوريا المنارة، سوريا الانفتاح والتطلع نحو مستقبل زاهر، سوريا المثال الذي يحتذى به، سوريا التي نحبها أن تكون، ونضع دائما نصب أعيننا ذكريات الماضي المريرة كي لا تتكرر، كي لا نعود إلى الخلف بدل أن نتقدم، فهناك من ينتظر أن يرانا فاشلين، ومجزأين، ومتقاتلين، ومتناحرين، فلا تدعوه يحقق أمانيه أيها السوريون. معا سنبني سوريا الجديدة، ومعا سننطلق للتحرر من ربقة الماضي البغيض، نأخذ أيدينا بعضا ببعض ونصنع مستقبلا تفخر بها أجيالنا القادمة. ويجعل سوريا عظيمة، منيعة، منيرة، عالية الجبين، مرفوعة الراية بين رايات الدول. لنبدأ الآن وليس غدا.