عيد على جنبات الشام أم عيد.. قالها شاعر دمشق شفيق جبري في عيد الاستقلال الأول عن الاستعمار الفرنسي في 17 نيسان/أبريل 1946، واليوم يوم جمعة النصر يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر يوم الاستقلال الثاني من نظام جائر، دموي، طائفي، خائن، فاسد، وتاجر مخدرات، يكمل شفيق جبري بالقول أتكذب العين والرايات خافقة، أم تكذب الأذن والدنيا أغاريد. هذه الجمعة صدحت حناجر السوريين بالأغاريد والزغايد، لأنها تذكر بأول جمعة، انطلق فيها السوريون بثورتهم في جمعة الكرامة في 18 آذار/ مارس 2011 التي تحولت إلى مذبحة ارتكبها نظام بشار الفار في درعا، وما بين الجمعتين مر 718 جمعة أذاق فيها هذا النظام الشعب السوري الويلات من قتل، وتدمير، وتهجير، وتعذيب، لكن هذا الشعب الذي احتفل بجمعة النصر من المسجد الأموي رمز دمشق إلى ساحة الامويين، ومن ساحات حلب، إلى ساحات السويداء، ومن ساحات دير الزور إلى ساحات حمص وحماة، وإدلب، والمعرة، وتدمر، والنبك، وكل بلدة وقرية في أنحاء سورية. الجميع حمل علم الثورة الأولى، والجميع ردد شعارات جمعة الكرامة "واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد"، و"حرية للأبد غصبا عنك يا أسد"، هذا الشعب الذي قدم تضحيات جسام، وأمعن فيه النظام البائد جراحا غائرة لا تنسى، أثبت أنه لا يهزم، وأنه الشعب العنيد، الشعب الصابر، الشعب الأبي، الجبار، المعطاء، المتآخي رغم الجراح الثخينة. اليوم يثبت هذا الشعب أيضا للعالم أجمع أن ثورته العظيمة، في الجمعة العظيمة هي ثورة كل السوريين بكل أطيافهم من مسلمين بكل مللهم ونحلهم، ومسيحيين بكل طوائفهم، شعب واحد، شعب يتطلع للحرية، والمستقبل، والبناء، والازدهار. هذا الشعب الذي قام بثورته وهزم نظام بشار الفار تحت جنح ليل، يشهد فجرا جديدا، فجر الحرية، والكرامة، والانعتاق. هذا الشعب العظيم لا شك أن أمامه تحديات كبيرة: عودة كل اللاجئين، والنازحين إلى ديارهم، إعادة إعمار الخراب الذي تسبب به نظام الفار، تعافي الاقتصاد المنهار، وعودة الليرة السورية لتناطح الدولار، الوقوف في وجه من يترصد به شرا من الاخوة الأعداء الذي كانوا يدعمون ويعومون هذا النظام ليستمر في قمع شعب يتطلع للحرية خوفا على أنظمتهم، ومن دولة الاحتلال التي لا يروق لها أن يبنى شعب سوريا نظاما ديمقراطيا يتمتع فيه كل الأفراد بالمساواة والعدالة أمام القانون، ونظاما قويا يضمن الاستقلال التام عن كل المعتدين، والمستعمرين الجدد، نظاما مثالا يحتذي به ويشار إليه بالبنان. هذه التحديات كبيرة والطريق وعرة، وشائكة، ولكن بصلابة هذا الشعب، الذي استطاع الخروج من محنته قادر على قهر الصعاب، بالوحدة، والبناء، والتقدم في كل مجال، والإبداع الفني والفكري، المشهود له فيها فهو لا يعرف المحال. من جمعة الكرامة إلى جمعة النصر قال الشعب السوري كلمته، وأكمل شفيق جبري قصيدته بالقول:" ويل النماريد لا حسن ولا نبأ ألا ترى ما غدت تلك النماريد..