في خضم الأزمات المتفاقمة في المنطقة، يواجه النظام الإيراني تصاعداً ملحوظاً في مشاعر الخوف والاضطراب بين صفوفه. بات المسؤولون والموالون للنظام يعبرون بشكل متزايد عن تراجع الروح المعنوية والإحباط، فيما يرى البعض أن السياسات التي تتبعها القيادة الإيرانية تؤدي إلى تفاقم التوترات الداخلية. الخطب التي ألقيت مؤخراً، سواء في مدن كرج أو مشهد أو بيرجند، كانت مليئة بالتحذيرات والاعترافات بالقلق السائد بسبب المواقف المتصلبة للنظام فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية.
وقد انتقد العديد من أئمة الجمعة سياسات النظام المثيرة للحروب، محذرين من أن الهواجس المتعلقة بالدخول في صراعات خارجية تُضعف قدرة المسؤولين على مواجهة التحديات الداخلية وتزيد من احتمالات اندلاع الاحتجاجات الشعبية. النظام الإيراني يجد نفسه اليوم في مأزق يتطلب مراجعة شاملة لاستراتيجياته الداخلية والخارجية.
في إحدى الخطب الأخيرة، عبّر إمام الجمعة المعين من قبل خامنئي في مدينة كرج عن استيائه من "التحليلات الجبانة التي يقدمها البعض بسبب تهديدات العدو"، مؤكداً أن هذه التحليلات تؤدي إلى بث الذعر بين المواطنين. كما أشار إلى أن بعض مؤيدي النظام يسقطون في فخ هذا الخطاب، مما يؤدي إلى تقويض ثقة المسؤولين بأنفسهم.
الذعر والإحباط اللذان يسيطران على قوات النظام الإيراني تجليا بوضوح في خطب الجمعة الأخيرة التي ألقاها ممثلو خامنئي. ففي أصفهان، أشار الملا طباطبائي نجاد إلى أن "البعض يخشى من الردود الإسرائيلية في حال استهدفناهم"، مؤكداً على وجود تساؤلات حول جدوى مثل هذه الصراعات. وفي بيرجند، تناول الملا مختاري نفس الموضوع، متسائلاً عن العلاقة بين إيران وهذه الحروب، وأين تكمن مصلحة الشعب الإيراني في الإنفاق على الصراعات الخارجية بدلاً من الاهتمام بالشؤون الداخلية.
وفي مشهد، أعرب الملا علم الهدى عن قلقه قائلاً: "لماذا نتدخل بهذا القدر في النزاع بين إسرائيل وفلسطين؟". إن هذه الاعترافات المتزايدة بخطورة السياسات الخارجية للنظام، وبالتحديد في دعم الجماعات المسلحة والميليشيات في المنطقة، تعكس تصاعد الضغط الداخلي والخارجي على النظام.
التصعيد المتزايد في الخطاب الحربي تسبب في تنامي مشاعر الذعر والإحباط، والتي دفعت رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إلى محاولة تهدئة الأوضاع من خلال خطاب ألقاه في مشهد. خلال حديثه، ركز على التأكيد بأن النظام لا يجب أن يخاف، رغم استخدامه كلمة "الخوف" مراراً وتكراراً، مما يعكس مدى انتشار هذه المشاعر بين الموالين للنظام.
في هذا السياق، شهدت وسائل الإعلام الإيرانية تعبيرات عن قلقها بشأن التداعيات الكارثية للسياسات الحربية التي يتبعها خامنئي. وقد أشار خبير حكومي في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" إلى أن الهجمات الإقليمية مثل تلك التي وقعت في 7 أكتوبر، بدأت تؤثر بشكل غير متوقع على الداخل الإيراني، معرباً عن قلقه من التداعيات طويلة الأمد لهذه التصرفات.
في النهاية، أصبح واضحاً أن النظام الإيراني يواجه تحديات كبيرة، حيث تعززت مشاعر الخوف بين قواته ومؤيديه، وسط قلق من أن تؤدي الأزمات الحالية إلى اضطرابات داخلية قد تطيح باستقراره.