في صباح 13 نوفمبر 2023، تحوّل أحد أركان حديقة ريتيرو الشهيرة في مدريد إلى مسرح لمحاولة اغتيال استهدفت البروفيسور أليخو فيدال كوادراس، السياسي الإسباني البارز وأحد الداعمين العلنيين للمعارضة الإيرانية. لحظة مفاجئة انتهت برصاصة استقرت في جانب رأسه الأيسر، تاركة إصابات خطيرة أفقدته 40% من حاسة السمع وتسببت بتنميل دائم في وجهه واضطرابات نفسية.
كوادراس، الذي نجا من الموت بأعجوبة بعد أربعة أيام في العناية المركزة، لم يتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى النظام الإيراني، مؤكداً للشرطة الإسبانية أن الهجوم يحمل بصمات واضحة لأجهزة استخبارات طهران. وقد زوّد المحققين بتفاصيل دقيقة عن ملابسات العملية، من زاوية إطلاق النار إلى مسافة الجاني وخطة الهروب.
شبكة عابرة للحدود وتمويل إيراني
التحقيقات الإسبانية كشفت لاحقاً تورط محرز العياري، فرنسي من أصول تونسية، يُعتقد أنه على صلة بشبكة “موكرو مافيا” الهولندية–المغربية، المعروفة بارتباطها بجهاز الاستخبارات الإيراني. كاميرات المراقبة وتحليل الاتصالات والدلائل الرقمية قادت إلى أدلة دامغة، بينها رسائل مشفرة وتحويلات مالية من حسابات إيرانية إلى أفراد داخل الشبكة.
النيابة العامة أرفقت ملف القضية بوثائق سرية من داخل إيران، بينها قائمة بأسماء “معارضين خطرين” صدرت في أكتوبر 2022، وتضم اسم كوادراس. الملف، الذي بات بيد قاضي التحقيق سانتياغو بيدراس، يُعد من أقوى القضايا التي توثّق تدخل طهران في تنفيذ عمليات اغتيال داخل أوروبا.
موقف حازم ودعوة للتحرك الأوروبي
في أول ظهور إعلامي له بعد الجلسة، دعا كوادراس إلى تصنيف “موكرو مافيا” كمنظمة إرهابية دولية، وحثّ حكومات الاتحاد الأوروبي على تبنّي إجراءات أكثر صرامة بحق النظام الإيراني، تشمل تجميد الأرصدة وحظر التأشيرات، إلى جانب إحالة ملف حقوق الإنسان الإيراني إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ورغم المعاناة الصحية والنفسية، أكد كوادراس تمسكه بمواقفه:
«لم تُسكتني رصاصة، بل زادتني إيماناً بأن الطريق إلى الحرية يمر عبر المحاسبة الدولية.»
قضية كوادراس قد تمثّل نقطة تحوّل في مواجهة ما بات يُعرف بـ”جهاز الاغتيالات الإيراني في أوروبا”، وتفتح الباب أمام تنسيق أمني وقضائي أشمل للتعامل مع التهديدات العابرة للحدود.