إيران في قبضة الإعدامات.. عام 2025 يسجل جرائم غير مسبوقة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

سجل العام الإيراني 1403 (مارس 2024 - مارس 2025) رقمًا قياسيًا مروعًا في الإعدامات، حيث نفذ النظام الإيراني 1153 عملية إعدام في 94 سجنًا، بزيادة بلغت 42% مقارنة بالعام السابق الذي شهد 815 حالة. هذا التصعيد الدموي، الذي نفذ 83% منه (961 إعدامًا) خلال رئاسة مسعود بزشكيان منذ أواخر يوليو 2024، يعكس سياسة الترهيب التي ينتهجها النظام في مواجهة أزماته الداخلية والخارجية.

لكن فداحة هذه الإعدامات لا تتوقف عند الأرقام، بل تمتد إلى استهداف الفئات الأضعف في المجتمع. فقد شملت الضحايا 38 امرأة و7 قاصرين، كما نفذت 7 عمليات شنق علنية في مدن مثل همدان، أسفراين، خمين، تايباد، شاهرود وأصفهان، في مشهد من الوحشية المفرطة. تصدرت سجون مثل قزل حصار (186 إعدامًا)، وعادل آباد في شيراز (112)، ودستگرد في أصفهان (88) قائمة أماكن تنفيذ الأحكام، لكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير، نظرًا للإعدامات السرية في السجون النائية.

تصاعد غير مسبوق في عمليات الإعدام

تكشف المقارنة الشهرية بين العامين الماضيين عن منحى خطير في وتيرة الإعدامات. ففي بهمن 1402 (فبراير 2024)، الذي عادة ما يشهد تراجعًا بسبب ذكرى سقوط الشاه، تم إعدام 36 شخصًا، بينما قفز الرقم في بهمن 1403 (فبراير 2025) إلى 74، أي أكثر من الضعف. أما في أسفند 1402 (مارس 2024) فقد أعدم 21 سجينًا، بينما شهد أسفند 1403 (مارس 2025) ارتفاعًا مرعبًا إلى 121 حالة، رغم تزامنه مع شهر رمضان، الذي كان يشهد سابقًا انخفاضًا في عمليات الإعدام.

المخدرات شماعة.. والأقليات الضحية الأكبر

أكثر من نصف الإعدامات (566 حالة) جاءت بتهم تتعلق بالمخدرات، بينما يسيطر الحرس الثوري ومافيا مرتبطة بخامنئي على تجارة المخدرات داخل إيران، ما يكشف زيف هذه التهم. كما استهدفت هذه الإعدامات الأقليات بشكل لافت، إذ شكّل البلوش 12% من الضحايا (135 شخصًا)، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بعدد سكانهم، ما يعكس سياسة منهجية ضد الأقليات المضطهدة. وبلغ متوسط أعمار الضحايا الموثقين (605 أشخاص) أقل من 36 عامًا، مما يعكس حجم المأساة التي تطال فئة الشباب.

حملة ممنهجة لإسكات المعارضين

يبدو أن التصعيد في الإعدامات مرتبط بتراجع نفوذ النظام إقليميًا وخوفه المتزايد من انتفاضة داخلية قد تطيح به. في أيام مثل 7 أغسطس 2024 و1 مارس 2025، أعدم النظام 29 سجينًا خلال 24 ساعة، بينما شهد 26 فبراير إعدام 25 شخصًا، و1 يناير إعدام 21 سجينًا. كما طالت الإعدامات عائلات بأكملها، مثل إعدام ثلاثة إخوة بلوش في مشهد، وأب وابنه في قروه، في ممارسات تعكس وحشية النظام الذي يسعى لترهيب المجتمع بأسره.

نظام في مأزق.. وضرورة تحرك دولي

بعد 45 عامًا من القمع الداخلي وتصدير الإرهاب، يجد النظام الإيراني نفسه في مأزق وجودي غير مسبوق، حيث يلجأ إلى الإعدامات كحل أخير لإخماد الغضب الشعبي المتصاعد. لكن هذه السياسة القمعية لن تمنع الانفجار الشعبي القادم، بل تزيده اشتعالًا.

المجتمع الدولي مطالب اليوم بموقف حازم ضد هذه المجازر. أي تعامل مع هذا النظام يجب أن يكون مشروطًا بوقف الإعدامات والتعذيب. كما أن إحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن الدولي، ومحاسبة خامنئي وقادة النظام بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، باتت خطوات لا غنى عنها.

أما على الصعيد الداخلي، فإن الشعب الإيراني، لا سيما الشباب، مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى الاحتجاج والتصعيد ضد آلة القمع، والانضمام إلى الحركات المناهضة للإعدام. إن التغاضي عن هذه الجرائم لا يشكل فقط خيانة للقيم الإنسانية، بل يشكل أيضًا خطرًا على الأمن الإقليمي والعالمي.