سوريا في قبضة مؤامرات طهران: كيف تبددت أحلام إيران في الهيمنة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار، لا تزال سوريا في مارس 2025 محور اهتمام إقليمي ودولي، لكن المشهد السياسي تغير جذريًا مع سقوط بشار الأسد في ديسمبر 2024، ليطوي نصف قرن من حكم عائلة الأسد. ورغم هذا التحول التاريخي، تبقى البلاد ساحة للصراع على النفوذ، خاصة من قبل النظام الإيراني، الذي يواجه فشلًا استراتيجيًا في الحفاظ على سيطرته.

لطالما اعتبر قادة طهران سوريا “محافظتهم الخامسة والثلاثين”، والآن، بعد أن خسروا أهم حليف لهم في المنطقة، يحاولون استعادة نفوذهم عبر المؤامرات والتدخلات التخريبية. لكن الواقع على الأرض يكشف انهيار مشروعهم التوسعي، رغم محاولاتهم يائسة للترويج لرواية جديدة عن “شباب متحمسين” يعيدون سوريا إلى قبضتهم.

منذ 2011: سوريا كوقود للمشروع الإيراني

مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، لعب النظام الإيراني دورًا مركزيًا في قمعها، عبر إرسال فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وآلاف المقاتلين من حزب الله، وميليشيات عراقية وأفغانية. تحولت سوريا إلى قاعدة عسكرية لنقل الأسلحة إلى حزب الله، وبؤرة للنفوذ الطائفي الإيراني، بينما مولت طهران عملياتها بمبالغ تراوحت بين 30 و105 مليارات دولار، من أموال الشعب الإيراني المنهك اقتصاديًا.

لم يجلب هذا التدخل سوى الخراب لسوريا وإضعاف “محور المقاومة” نفسه. كما حولت إيران البلاد إلى مركز لتجارة المخدرات (الكبتاغون)، التي أصبحت تهديدًا أمنيًا لدول الجوار، مما عزز من العزلة الدولية للنظام الإيراني.

سقوط الأسد: الضربة القاصمة لطهران

كان انهيار حكم الأسد بمثابة هزة جيوسياسية للنظام الإيراني، حيث فقدت طهران أهم حليف لها في المنطقة. اليوم، تسعى جاهدةً لإعادة موطئ قدمها في سوريا عبر تحريك الفوضى وإثارة الاضطرابات.

خلال الأشهر الأخيرة، ركزت طهران جهودها على تحريض أنصار الأسد في معاقلهم التقليدية، مثل اللاذقية وطرطوس، لمحاولة زعزعة استقرار الحكومة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع (جولاني سابقًا). تشير تقارير مارس 2025 إلى أن ميليشيات موالية لإيران نفذت عمليات تخريبية تهدف إلى عرقلة جهود إعادة البناء، خاصة بعد الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة كسلطة شرعية.

أوهام “استعادة سوريا” وصراع الداخل الإيراني

يحاول النظام الإيراني امتصاص صدمة سقوط الأسد من خلال إعادة إنتاج خطاب دعائي، حيث صرح خامنئي مؤخرًا بأن “قوة شريفة وقوية ستظهر من شباب سوريا”، في محاولة لصياغة رواية جديدة لمؤيديه داخل إيران، بعدما اهتزت ثقتهم بسياسته الخارجية المكلفة.

لكن هذا الخطاب يتناقض مع الواقع. فقد اعترف بهروز اثباتي، أحد قادة الحرس الثوري، بأن إيران “تلقت ضربة” في سوريا، مما يعكس حالة من التخبط داخل أروقة النظام. ورغم ذلك، لا تزال بعض الأطراف في طهران تدفع باتجاه التصعيد العسكري، ما يظهر انقسامًا بين جناحين: أحدهما يسعى لتقليل الخسائر، والآخر يراهن على جولة جديدة من التدخلات.

سوريا الجديدة: معركة ضد النفوذ الإيراني

اليوم، تعاني سوريا من اقتصاد منهار، و16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما لا تزال إيران تسعى إلى زعزعة استقرارها ومنع أي تحول ديمقراطي قد يقضي على نفوذها تمامًا.

من هنا، فإن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة المؤامرات الإيرانية، عبر:

 • تشديد العقوبات على شبكات إيران التخريبية في سوريا.

 • دعم القوى الوطنية والديمقراطية السورية التي تسعى لتحرير البلاد من الهيمنة الخارجية.

 • الضغط على طهران دوليًا لوقف تدخلاتها.

الخاتمة

سوريا أمام منعطف حاسم: إما أن تمضي قدمًا نحو إعادة الإعمار والاستقلال الحقيقي، أو تسقط مجددًا في فخ المؤامرات الإيرانية. لكن ما بات واضحًا هو أن طهران لم تعد تملك القوة الكافية للسيطرة على سوريا، ورغم محاولاتها المستميتة، فإن أحلامها تتلاشى أمام إرادة السوريين في بناء وطن بعيد عن الوصاية الخارجية.