تحمل العقوبات الجديدة التي استهدفت شركات الطيران الإيرانية، مثل إيران إير، ماهان إير، وساها (التابعة للقوات الجوية الإيرانية)، ردود فعل مختلفة من النظام الإيراني. فقد تغيرت ردود الفعل هذه مقارنة بالسابق، ما يعكس حالة من القلق والارتباك داخل النظام، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية والضغوط الدولية المتزايدة. كما تعكس هذه الردود التناقضات والانقسامات الداخلية بين أجنحة النظام المختلفة.
فور إعلان هذه العقوبات، أعلن المسؤولون الإيرانيون عن تعليق الرحلات الجوية إلى أوروبا. حيث أعلن الأمين العام لجمعية شركات الطيران الإيرانية رسميًا إلغاء جميع رحلات شركة إيران إير إلى الوجهات الأوروبية، مؤكدًا أنه لن يكون هناك أي رحلات مباشرة إلى أوروبا بعد الآن (وكالة أنباء "إيسنا"، 24 أكتوبر).
من جانبه، أعرب المتحدث باسم الحكومة عن دعمه لهذا القرار، مشيرًا إلى أنه في حال استمرار الرحلات الجوية إلى أوروبا، قد يتم منع الطائرات من الهبوط أو توقيفها ومنعها من القيام برحلات أخرى.
وبدورها، سلطت بعض وسائل الإعلام المقربة من النظام الضوء على أهمية هذه العقوبات. فقد كتبت أن التحركات الأخيرة من الدول الغربية ضد إيران، وخاصة في مجال الطيران، تظهر جدية العقوبات المفروضة. كما أن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بالتعاون مع أستراليا والولايات المتحدة، فرضوا عقوبات جديدة على الأفراد والشركات المرتبطة بالأنشطة الصاروخية والإقليمية الإيرانية (صحيفة "سیاست روز"، 26 أكتوبر).
وفي رد فعل غاضب، هددت صحيفة "كيهان" المتحدثة باسم النظام بإغلاق مضيق هرمز أمام السفن الأوروبية، مشيرة إلى أن أوروبا، بفرضها جولة جديدة من العقوبات، اختارت طريق المواجهة مع إيران، وعليها أن تنتظر عواقب هذا القرار (كيهان، 25 أكتوبر).
من جهة أخرى، أعربت صحيفة "شرق"، التي تمثل التيار الإصلاحي في النظام، عن قلقها من الظروف الحالية، ودعت إلى التهدئة مع أوروبا والابتعاد عن سياسة التصعيد.
وفي تحليلها بعنوان "دوافع فرض العقوبات الجديدة ضد إيران"، أكدت الصحيفة على أهمية هذه العقوبات وتأثيراتها السلبية، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتحسين العلاقات مع أوروبا، لمنع تفاقم الأزمة وتضييق الخناق على النظام.
هذه المواقف المتضاربة والمتوترة من النظام الإيراني تؤكد على أهمية العقوبات الشاملة التي طالما دعت إليها المقاومة الإيرانية. كما تكشف هذه العقوبات أن سياسة التساهل التي اتبعها الاتحاد الأوروبي، وخصوصًا امتناعه عن تنفيذ قرار البرلمان الأوروبي المتعلق بإدراج الحرس الثوري في قائمة الإرهاب، قد أفادت النظام وأعطته حرية أكبر لمواصلة جرائمه وإرهابه.
من الجدير بالذكر أن صحيفة "دي فيلت" الألمانية قد نشرت في 16 فروردين 1403 تقريرًا يستند إلى كشف من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن دور الحرس الثوري الإيراني في إدارة شركة الطيران الوطنية "إيران إير". حيث أظهر التقرير أن هذه الشركة لا تقتصر على كونها شركة طيران فحسب، بل تخدم الأجندة الإرهابية للنظام. كما أشار التقرير إلى استخدام "إيران إير" في عمليات إرهابية مثل عملية جنيف عام 1990، وكذلك في محاولة الهجوم الفاشلة على تجمع المعارضة في باريس عام 2018.
تُظهر هذه الردود حجم الأزمة الداخلية للنظام وضغوط المجتمع الدولي التي تهدد مستقبل النظام الإيراني بشكل جدي.