بعد ترقب وانتظار وآمال أن لا يشن الحرب على بغداد، جاء الخبر صباحا، جورج بوش الابن يأمر قواته لغزو العراق. لتتالى من يومها الهزائم على الشباب العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص.
عشقت بغداد رغم أنني لم أزرها، لم يحالفني الحظ بنهل العلوم والمعارف من أرقى الجامعات والمكتبات في بلد اتعبته الحروب.
كنت من الشباب المستعد للدفاع عن العراق رغم أن المدارس في سوريا علمتنا أن العراق يملك فكرا يختلف تماما عن فكر القيادة "الحكيمة" في سوريا، إلا أننا تجمعنا بالعشرات في الحارات والأزقة، لنعلن للعالم أن ما يحدث في العراق هو اعتداء على بلد عربي ويجب الدفاع عنه.
ما هي إلا أيام معدودة مصحوبة بكلمات رنانة من محمد سعيد الصحاف وجمله المدروسة بأن المقاومة العراقية استطاعت قتل العشرات من الغزاة مرفقا كلمة المشهورة "العلوج" على كل قتيل، إلا أن كلام الصحاف وقوات " المقاومة العراقية " لم تحم بغداد ولم تجلب لنا الأخبار التي كنا نتوقعها.
في الفصل الدراسي، وعلى مدار الحرب التي تدور رحاها في العراق، يخيم على الجميع الحزن وتغيب الكلمات، فما عادت المدرسة لتلقي العلم، بل مركزا لتبادل المعلومات القادمة من العراق، فبطولات العراقيين، أفرحت وأثلجت الصدور حينها.
ليأتي الخبر الذي صعق الجميع، حتى أن مدرس اللغة العربية، دخل الفصل الدراسي، وهو مطأطئ الرأس، وقال جملة ما زالت عالقة في رأسي: "اليوم لا يوجد ما نعلمه، فما الفائدة من أمة خسرت القدس، وهاي هي تخسر بغداد، والهزائم تلاحقها من كل حدب وصوب، فمن أراد أن يبقى هنا فليبقى ومن أراد الذهاب إلى المنزل فليذهب، فليس ما بعد بغداد كما الذي قبلها !".
احتلت بغداد، وهزمت أحلام الملايين من الشباب!، فبغداد يومها لم تكن تمثل عاصمة العراق لوحدها، بل كانت المدينة الأولى التي حلم الشباب بها، بأنها ستتغلب على العدوان، وسترمم جراحها التي مازالت نازفة إلى الآن.