أرسل لي العديد من الأصدقاء في مناطق النظام، خلال الأيام الماضية، مقتطفات مما يجري تداوله على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الموالية، وكيف أن الناس بدأت تخرج عن طورها وتسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، متهمين بشار الأسد صراحة بأنه المسؤول الحقيقي الذي أوصل البلاد والعباد إلى حافة الدمار والهاوية، ويطلبون منه عدم الترشح لانتخابات الرئاسة مجددا.
وفي المقابل، من يتابع وسائل إعلام النظام، سوف يلحظ نشاطا محموما من قبلها، وعلى مبدأ "منشان الله تترشح لانتخابات الرئاسة يا سيادة الرئيس"، في مشهد يوحي، وكأنه لا يريد الترشح، لكن الشعب اليتيم هو من يريده، لهذا سوف يقبل على مضض، على الرغم من أنه يعتقد بأن قدراته وإمكانياته أكبر بكثير من أن يحكم بلدا مثل سوريا.
ولا غرابة مثلا أن نقرأ مناشدة أو بالأحرى مناجاة، من قبل محافظ ريف دمشق، الذي لم يمض على وجوده في منصبه سوى بضعة أشهر، يطلب من بشار الأسد الترشح لانتخابات الرئاسة في كتاب رسمي، يحمل اسم مجلس محافظة ريف دمشق، بينما جميعنا يعلم مدى رمزية هذه المحافظة، التي لقي مئات الأطفال من أبنائها حتفهم بكيماوي الأسد، هذا ناهيك عن تدميرها وتهجير أهلها، ومع ذلك هي اليوم تناشد الأسد أن يبقى في السلطة..!
هذه الصورة المذلة والمهينة لشخصية سوريا، البلد والإنسان، هو ما يجري تقديمه اليوم على الإعلام الرسمي، وهي حالة تعكس الواقع الحقيقي.. فكلما أصبح الرئيس مهزوما وذليلا، فإنه يريد من مسؤوليه وشعبه أن يكونوا أكثر إذلالا منه، أما في الحالات التي يكون فيها الرئيس قويا ومتوازنا ومنتخبا بشكل شرعي، ودولته ذات سيادة، فإنه يسعى لعزة أبناء شعبه ورفعتهم.. فكيف إذا عرفتم أن سوريا لم تعرف هذه الحالة طوال فترة حكم البعث، الممتدة منذ أكثر من ستين عاما..؟ وهذا لا يعود في أغلبه إلى ذل الرئيس، وإنما لإحساسه بأنه مغتصب للسلطة ووجوده فيها غير شرعي.