منذ عدة أشهر ونحن نقرأ التحليلات عن أسباب ارتفاع الدولار في السوق السورية، لكن هذه التحليلات لا تخبرنا على الأغلب، عند أي حد يمكن أن تتوقف رحلة الصعود هذه، وإنما تتحدث عن ضرورة أن يكون هناك تحركات يقوم بها المركزي، تحد من جموح الدولار قبل أن تصبح الليرة في الحضيض.الاعتماد على المركزي لوحده في إدارة شؤون الليرة، يعبر عن إفلاس حقيقي في القدرة على التصرف، لأنه بكل بساطة قد يقول أنه ليس لديه كمية كافية من الدولار التي تسمح له بالتدخل وقلب الأسواق لصالح الليرة .. وهو ما يؤكده صمت المركزي، إزاء كل من يطالبونه بالتحرك.
إذا نحن اليوم أمام سؤال حقيقي: هل الدولار مرشح لأن يصل إلى خمسة آلاف ليرة سورية نهاية الشهر الجاري كما يرى البعض..؟!
من المؤكد أن الاقتصاد السوري فاقد القدرة على فعل أي شيء لوقف تدهور الليرة السورية، في ظل ارتفاع فاتورة الإستيراد لمواد أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، كالمحروقات والقمح على سبيل المثال، بينما من جهة ثانية فإن ظروف الانتاج لاتزال متدهورة وغير قادرة على توفير دولار بديل مما يتم استنزافه، وهذا يعني في المجمل أن الدولار اليوم لا يتحكم به المضاربون، كما يدعي محللو النظام الاقتصاديون والمسؤولون، وإنما الظروف الاقتصادية الحقيقية التي تشير إلى أن الليرة معرضة بالفعل لهبوط مدوي، خلال الأشهر القادمة.
هذا الهبوط لا يمكن أن يواجهه المركزي سوى بإجراء وحيد، وهو سحب كميات كبيرة من الليرة من الأسواق، في خطوة تهدف إلى إعادة االتوازن لها ضمن سوق العرض والطلب، لكن النظام على ما يبدو غير منزعج من تدهور الليرة السورية، بدليل أن دولار الاستيراد في المصرف المركزي، لا يزال عند 1250 ليرة، بفارق نحو أكثر من 2750 ليرة عن السوق السوداء، التي وصل سعر الدولار فيها إلى أكثر من 4 آلف ليرة.
أي بلغة بسيطة، فإن المستورد أو التاجر اليوم، هو من يجني أرباح هذا الفارق الكبير، وخصوصا أن المركزي يرفض بشكل قاطع تحريك السعر، ويراهن على أن التراجع مؤقت وسوف تعاود الليرة الارتفاع، دون أن يخبرنا عن مصدر تفاؤله، وبياناته التي يعتمد عليها.
إذا، وكما يبدو، فإن الليرة السورية، ماضية إلى حتفها، بمساعي من النظام ذاته، الذي لم يعد يعنيه، سوى خدمة الفئة التي تزيد من إحكام قبضته القوية على الشعب السوري، عبر التحكم بلقمة عيشه، وجعله يسعى طوال اليوم من أجل الحصول على أبسط حاجاته المعاشية .. أما الليرة، فلتذهب إلى الجحيم..!