أكثر ما يتهدد سوريا في هذه الأثناء هو التقسيم ، إذ أن إصرار بشار الأسد على إجراء انتخاباته الرئاسية ، سوف يعطي الذريعة لكافة المناطق الخارجة عن سيطرته، للبحث عن خلاصها الفردي، وإنجاز استقرارها بنفسها ..
ما يعزز رغبة الانفصال لدى بعض المناطق في سوريا ، هو أن النظام يرفض الحل السياسي، و يرفض أن يشاركه أحد في السلطة ، كما لا يرضى إلا بعودة جميع السوريين صاغرين إلى سلطته وإلى سجونه .. فأي ذريعة أفضل من هذه، لكي تدفع الآخرين للاستقلال بأنفسهم ، سيما وأنهم يملكون الإمكانيات والمقومات لذلك ..؟!
لدينا على الأقل، ثلاثة مشاريع استقلال أو انفصال في سوريا .. في الشمال الشرقي ، وفي الشمال الغربي، وفي الجنوب .. أما الأقرب للتنفيذ ، فهو مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، الذي يلقى الدعم الأمريكي والأوروبي ، كما أنه تقريبا شبه جاهز .. أما مشروع الانفصال في الجنوب، فهو تحاك خيوطه في السر ، ويلقى دعما من العديد من الدول الكبرى ، وعلى رأسها روسيا وأمريكا وإسرائيل .. بالإضافة إلى أن السكان هناك ، ضاقوا ذرعا بالنظام ، ولديهم الاستعداد للخلاص منه بأي ثمن ، المهم ألا يستمر في حكمهم .
وفي الشمال الغربي، لا أحد ينكر بأن إدلب، وبعض المناطق في ريف حلب الشمالي، باتت منفصلة بشكل شبه كلي عن سوريا، ولا ينقصها سوى بعض الرتوش، لتغدو منطقة مستقلة بذاتها .
ولا بد أن نذكر، أن كل مشاريع الانفصال هذه يمكن أن تتوقف، في حال أعلن النظام السوري ، قبوله بتطبيق القرارات الدولية والحل السياسي .. وكونه يرفض الانصياع لهذه القرارات، فإنه يتحمل المسؤولية الأكبر في ضياع سوريا وتقسيمها وتشتيتها .. ومن يحمل المعارضة المسؤولية ، عليه أن يتذكر أن لا أحد يعود إلى بيت الطاعة والذل برجليه ، لا سيما وأن النظام من هذه الناحية ، يرفض حتى أن يغير سلوكه ..
وهذا يقودنا إلى تفسير وحيد ، وهو أن النظام السوري هو من يسعى لتقسيم البلاد ، عبر نظرية بشار الأسد ، التي أطلقها في وقت مبكر ، عن ما يسمى بسوريا المفيدة ..