كل قرارات رفع الأسعار التي يقوم بها النظام للمحروقات وغيرها من المواد، تأتي تحت عناوين مثل "عقلنة الدعم" أو توجيه الدعم نحو مستحقيه، وهي عبارات غامضة تشبه "وهن نفسية الأمة"، التي زج النظام بسببها الكثير من المعارضين في السجون لعدة سنوات، دون وجه حق، ثم أفهمهم أن ذلك لصالحهم.. وهنا يأتي السؤال: كيف ترفع أسعار أبرز المواد الأساسية في حياة الناس وتضيق عليهم معيشتهم ثم تقول لهم إن ذلك في صالحهم ويهدف إلى إيصال الدعم إلى مستحقيه..؟!
مرة قال لي أحد الموالين، إن النظام السوري محترم وراقي، لأنه كان بوسعه أن يزج بالمعارضين في السجون ويوجه لهم تهما باللواطة والسرقة بمنتهى السهولة، لكنه اختار لهم تهماً محترمة مثل "إضعاف الشعور القومي" و"وهن نفسية الأمة" و"السعي لإسقاط النظام الاشتراكي"، وهو ما أفادهم فيما بعد، إذ حولهم لمناضلين وقادة رأي في المجتمع.
وبالعودة إلى قرارات رفع الأسعار التي أصبحت بروتوكولاً يقوم به النظام مع تزايد انهيار اقتصاده، فهو ليس بحاجة لخطاب تبرير، ويستطيع القول ودون أن يعترض أحد: "سوف أرفع الأسعار رغماً عنكم حتى لو متم من الجوع والبرد"، بل هو قادر على إخراج مسيرات تأييد لهذه القرارات، وتكليف شعراء يتغنون بمزايا "عقلنة الدعم".. غير أن النظام "المحترم" يأبى إلا أن يصور بندقيته المصوبة إلى صدور الناس، على أنها بندقية عدالة ورحمة..
على أية حال، كل يوم تتزايد الأسباب التي تؤدي إلى موت السوريين أو تلك التي تدفعهم إلى الهجرة، لكن قد يبدو غريباً أن يكون توجيه الدعم لمستحقيه أحد هذه الأسباب.. فماذا سيقول اللاجئ السوري اليوم للمحققين الأوروبيين..؟، هربت من البلد بسبب عقلنة الدعم..؟!