في العام 2005 طُلب من رئيس الوزراء، محمد ناجي عطري، أن يقوم بجولة على المحافظات ويلتقي الفعاليات الحزبية والنقابية ويخبرهم أن الدولة قررت التخلي عن دورها الأبوي بالنسبة للشعب... وكان عبد الله الدردري رئيس هيئة تخطيط الدولة في تلك الفترة، يتبع عطري، ويشرح نظريته الاقتصادية التي تدل المواطنين على الطريقة الجديدة للعيش بدون أب.
أما "الشعب" الذي تبلغ قرار "يتمه" من فم "أبيه"، فكان يستمع باستغراب إلى هذه العلاقة الأبوية التي نشأت وماتت في نفس اللحظة...!!
لم تطل الأيام كثيراً، ليدرك السوريون أن المرحلة الجديدة لم تكن سوى الانتقال من القبضة الأمنية المتشددة إلى القبضة الاقتصادية الظالمة... الأولى كان من الممكن تجنبها، وقد تعود السوريون السير بجانب "الحيط"، أما الثانية فقد لاحقت السوريين إلى بيوتهم، وغرف نومهم.
أعتقد أن سر الثورة السورية كله، وهذا الإصرار على إسقاط النظام بأي ثمن، يكمن في الفترة من العام 2005 وحتى العام 2010... لأن الظروف الاقتصادية الجديدة التي أوجدها النظام في تلك المرحلة، والمتمثلة بتدمير القطاع الزراعي، وازدياد أعداد العاطلين عن العمل من الخريجين الجامعيين، بالإضافة إلى تسليط رجال الأعمال على رقاب الناس، والسماح لهم بالسيطرة على كل شيء، كل ذلك جعل الناس تشعر باليأس من قابلية هذا النظام للإصلاح والتعديل، وبالتالي لا سبيل العيش الكريم في سوريا، قبل الإطاحة به.