بعد عقد من الزمن.. يعود إلينا الأمل!

من مظاهرة 18 آذار/مارس درعا البلد (انترنت)
من مظاهرة 18 آذار/مارس درعا البلد (انترنت)

سنوات عشر انقضت من عمر الثورة السورية، كان البعض يعتقد أن نجم الثورة أفل، وأن شمسها غابت، لكن البث المباشر من درعا البلد، الذي تابعناه جميعاً يوم 18 آذار/مارس أنعش الأمل في نفوسنا، مشهد الصغار يتقدمون الكبار في صفوف أمام مقبرة الشهداء، لا بد أن يبعث الاعتزاز في نفس كل حر.

في الأيام الأولى للثورة، كان الشباب هم العنصر الرئيسي الذي تصدر المشهد، إذ كان من النادر أن تجد كبار العمر في المظاهرات. أما السبب في عزوف الكبار عن المشاركة في تلك المظاهرات، فيعود إلى أنهم خبروا وحشية نظام الأسد وقمعه الوحشي، ذلك أن أحداث حماة لا تزال ماثلة في ذاكرتهم بكل مآسيها.

في إحدى المظاهرات التي خرجت في مدينتي (درعا - جنوب سوريا) شارك رجل واحد فقط يتجاوز عمره السبعين. وما أن انتبه له الشباب حتى أحاطوه بالحب والاحترام، وحملوه على الأكتاف تقديراً لقراره الشجاع بالمغامرة بالانضمام إلى الشباب واليافعين.

صرخ الرجل المسنّ بأعلى صوته: "لاتكونوا جبناء كما هم ابناء جيلي، المستقبل سيكون لكم إن أصريتم على التظاهر".

لقد أراد الرجل أن يُوضح للشباب أن سبب عدم مشاركة الكبار في العمر في هذا الحراك يعود إلى الخوف من نظام الأسد، وأن الشباب الذين يصرون على نيل حريتهم، واستعادة كرامتهم المهدورة، سيحصلون على مبتغاهم إذا هم لم يتخاذلوا ويتراجعوا.

اليوم وبعد عشر سنوات، بدا المشهد مختلفا، فقد نقل موقع "السوري اليوم" في الـ 18 من آذار/مارس تظاهرة درعا البلد، وجاء في البث أن اليافعين يسبقون الكبار بالعمر، وفي الصفوف الأولى، حيث يتضح جيدا أن منظمي المظاهرة قدموا الصغار إلى الصفوف الأولى، فما الذي تغير حتى ينظر الشباب إلى الكبار في العمر على أنهم الدافع والمحفز والأمل في أولى التظاهرات، وبين نظرة اليوم بعد عشر سنوات؟

لقد سالت دموع الفرح من عينيّ وأنا أتابع ذلك المشهد "الأطفال في الصفوف الأولى في الصلاة على الشهداء، في مقبرة الشهداء في درعا البلد". كل لحظة من ذلك المشهد كان لها وقع خاص..

لقد وجدتُ لسان حالي يردد قول شاعر سوريا الخالد – نزار قباني، في تعظيم نضال الشعب الفلسطيني البطل، وتضحياته:

كل ليمونة ستنجب طفلا *** ومحال ان ينتهي الليمون

هذا البيت بات ينطبق تماما على الشعب السوري، فكل ثائرة ستنجب طفلاً، ومحال أن تعقم الثائرات، وينتهي الثوار...

وبالعودة إلى المشهد صلب موضوع هذه المقالة، إنه مشهد يبعث الأمل في اقتراب الموعد مع الحرية والكرامة، فالأطفال الذي تقدموا الصفوف وهتفوا للحرية وللشهداء وللثورة، لم يكونوا في سنة 2011 يعرفون معنى لأي من الشعارات التي صدحوا بها اليوم...

لا بد أن تنتصر ثورة؛ تواصل الأجيال حمل شعلتها، وتتوارث أهازيجها حناجر الأجيال.