باسل المحمد- السوري اليوم
تبنى العلاقات الدبلوماسية بين الدول على المصالح المشتركة، باختلاف أنواعها السياسية والاقتصادية والعسكرية إلى غير ذلك من المصالح الذي تعود بالنفع على الطرفين، وهذه قاعدة بالسياسة تنطبق على كل الدول باختلاف قوة نفوذها وحجمها الاقتصادي والعسكري، كما تنطبق على علاقة الدول الصغيرة الخاضعة لنفوذ الدول الكبرى، إذ تسعى هذه الدول من خلال هذه العلاقات إلى تحصيل ما أمكنها من المصالح المختلفة التي تعود بالنفع والخير على أبناء شعبها.
ولكن المتابع لعلاقة النظام السوري مع (حلفائه) الذين ساهموا معه في قتل وتشريد الشعب السوري، وتحويل سوريا إلى دولة مافيات وكبتاغون؛ أي روسيا وإيران، يرى أن القاعدة العامة للسياسة التي ذكرناها سابقاً لا تنطبق عليه أبداً، فعلاقة هذا النظام مع هاتين الدولتين قائمة على الاستعباد والاحتلال المباشر، والسيطرة على خيرات سوريا ومقدراتها دون مراعاة أي مصلحة للشعب السوري الذي يعيش في مناطق النظام، وكل ذلك أمام مرأى ومسمع النظام الذي قدم ومستعد لتقديم كل شيء مقابل بقائه على كرسي الحكم في دمشق.
وعلاقة الاستعباد والاستذلال التي تحكم علاقة نظام الأسد مع (حلفائه) تظهر واضحة في زيارات رأس النظام السوري إلى روسيا وإيران، فبغض النظر عن طريقة الزيارة (التي غالباً ما تتم بطائرات شحن البضائع)، وبغض النظر عن البرتوكلات الغير رسمية التي تتم خلال هذه الزيارات، التي ينذر فيها وجود علم النظام إلى جانب بشار الأسد، والاكتفاء بعلم روسيا أو إيران، وكأن بشار أشبه بموظف أو مندوب لهذه الدول في سوريا، بغض النظر عن كل ذلك، يجد المتابع لهذه اللقاءات أن محور حديث بشار يدور حول الدعم العسكري التي تقدمه هاتان الدولتان في مواجهة "المؤامرة الكونية" ضد النظام، كما يتضمن إلى جانب ذلك تقديم رسائل الشكر والمديح لتضحيات الجيش الروسي والملشيات الإيرانية التي قدمت أرواح في سببيل مكافحة "الإرهاب" على التراب السوري، وفي مقابل ذلك يشير الأسد إشارات خجولة إلى علاقات اقتصادية وتجارية بين سوريا وحلفائها، والتي يرى مراقبون أنها تقومك أساساً على نهب ما تبقى من خيرات سوريا، وهذه ما بدا واضحاً في التنافس بين روسيا وإيران على عدة مشاريع ومناطق ذات أهمية اقتصادية كبيرة كالساحل السوري، ومناجم الفوسفات في بادية حمص مثلاً.
طبعاً هذا الطابع العام لكل زيارات بشار إلى حلفائه ( وهي زيارات قليلة ومعدودة)، ولكن كان اللافت للنظر في زيارته الأخيرة إلى طهران الأحد 8/5/2022، والتي تمت سراً كالعادة، ما جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني بعد لقائه بالأسد قوله: "عندما التقيت ببشار الأسد بعد اجتماعه مع المرشد الخميني، رأيته سعيداً جداً لأنه تمكن من تحقيق حلمه بـ (لقاء الخميني)"، وأضاف الوزير أن بشار في نهاية اللقاء (الحلم) شكر بصدق موقف الخميني من "الأزمة السورية". من هذا التصريح نجد أن هدف بشار لم يكن عقد اتفاقيات تجارية أو اقتصادية تحد من الأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها السكانه في مناطق سيطرته، ولم يكن العمل على تنفيذ مشاريع مشتركة مثلاً للحد من نسبة البطالة والفقر التي أصبحت سوريا "بفضل قيادته" تتصدر المراتب الأولى عالمياً بنسبة الفقر، إذ احتلت سوريا عام 2021 المرتبة الأولى عالمياً بنسبة الفقر، حيث بلغت 82%، تليها زيمبابوي بنسبة 72%، وبعدها مدغشقر بنسبة فقر 70.7%، وذلك بحسب إحصائيات منظمات تابعة للأمم المتحدة. كل هذا الواقع المأساوي وغيرها من الفلتان الأمني وانتشار المخدرات والسلاح في مناطق سيطرته لم يشغل بال سيادته في هذه الزيارة، وإنما كان (الحلم) بالنسبة له هو اللقاء بالخامنئي، وطبع قبلة على جبينه.
وأمام تحقيق بشار لحلمه المنشود بلقاء الخامنئي و الارتماء بأحضانه، يتساءل السوريون عن اليوم الذي يتخلصون به من هذا النظام المجرم، ويحققون به حلمهم بالحرية والكرامة التي بذلوا في سبيلها الأرواح والديار.