مسألة استخدام النظام للسلطة الدينية في سوريا؛ لترويج أفكاره وتحقيق أهدافه مسألة قديمة في سوريا قِدم هذا النظام، الذي كان كثيراً ما ينجح في جعل أغلب علماء الدين أبواقاً إعلامية مغلَّفة بهالة دينية، ولسنا هنا بوارد الحديث عن هذه الظاهرة التي باتت من مُسلَّمات العقل الجمعي السوري.
ولكن أحياناً المبالغة والخروج عن المألوف بشكل يفوق كل التوقعات، يؤدي إلى شد انتباه المتابع للشأن السوري، وهذا ما انطبق على الشيخ حسام الدين فرفور المشرف العام على مجمع الفتح الإسلامي ، والذي أمَّ رئيس النظام وكبار القيادات في الحزب والدولة في صلاة العيد بجامع بني أمية بدمشق، فبعد الانتهاء من صلاة العيد ارتقى "الفرفور" المنبر ليكيل "لسيد الوطن" صفات لا يتخلَّق بها سوى الأنبياء، وتتجلى هذه الصفات بالحنو على الشعب والرحمة والمودة التي يحملها سيادته للشعب كافة، وهذا ما عبَّر عنه بوصفه لبشار (بأنه يتخلَّق بأخلاق الله)، وأظن أنها صفة لم يتصف بها حتى الأنبياء، ويؤكِّد الفرفور أثر هذه الأخلاق العظيمة لسيادته بقوله: "لقد رأينا منك خيراً كثيراً يا سيادة الرئيس"، وهنا لنا أن نسأل أنفسنا نحن السوريين عن أي خير يتحدث "الفرفور"؟ عن البراميل أم عن الكيماوي أم عن التهجير أم.......
يستمر "الفرفور" بالتغريد محوِّلاً خطبة العيد إلى حملة انتخابية، وإلى مناسبة لتجديد البيعة "للسيد الرئيس"، متحدثاً عن الديمقراطية التي ينعم بها السوريون، ومنتقداً الديمقراطية الغربية التي تقطر دماً على حد وصفه.
وينسى "الفرفور" الحديث عمَّا يعانيه السوريون من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، تبدأ برغيف الخبز ولا تنتهي بحبة الدواء، ليعود إلى التاريخ ويؤكد أن صلاة (سيادته) في المسجد الأموي تأتي استكمالاً للدور التاريخ العظيم الذي أداه هذا المسجد على مر التاريخ، وأن إعادة سوريا إلى دورها التاريخي والحضاري لن يتم إلا بقيادة السيد الرئيس.
وحتى تكتمل سمفونية المديح لا ينسى "الفرفور" ذكر الإنسانية والرحمة التي تجلّت في مرسوم العفو الأخير، والذي شمل شرائح من المجتمع –على حد قوله- أما آلاف المعتقلين والمعتقلات في سجون النظام، فهؤلاء لم يسمع بهم فضيلته، وكأنه يعيش في كوكب آخر.
وتسير الخطبة بذكر بطولات وصمود "القائد "في وجه المؤامرة الكونية، حتى يصل إلى درجة من النفاق أصح ما يمكن أن نقول فيها: (لقد تفوَّق الفرفور بكذبه ودَجله على أستاذه الحسون).