تقوم كل البرامج الانتخابية في الدول الديمقراطية، أو حتى في الدول التي تجري فيه انتخابات شكلية، على وعود يُقدِّمها المرشحون، أو على خطط لتنمية وتحسين الوضع الاقتصادي والخدمي لهذه الدولة، إلى غير ذلك من الإصلاحات التي يعد بتقديمها هؤلاء المرشحون؛ لجلب المزيد من الأصوات، ولكسب التأييد الشعبي لحملتهم الانتخابية.
من بين كل دول العالم تأتي الحالة السورية بما فيها من تناقضات كحالة استثنائية جداً، فعلى الرغم من يقين السوريين بفوز رأس النظام بالمهزلة الانتخابية، وعلى الرغم من إجبار الشعب على المشاركة فيها بالترغيب والترهيب، إلا أننا لم نجد هذا النظام يقدم أي خطط أو وعود لتحسين الواقع السوري المتردي والمتآكل من كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأخلاقية، فأمام هذا الواقع المأساوي لم يستطع النظام أن يعد السوريين بتأمين رغيف خبز، أو لتر مازوت، أو أن يأمن له ساعتين من الكهرباء، ولنا أن نتساءل كيف سيستطيع النظام إعمار ما دمرته آلة إجرامه الحربية، وهو الذي حول سوريا إلى ساحة حرب لتجريب كل أنواع الأسلحة المتطورة الروسية والإيرانية، والتي أدت دورها على أكمل وجه في تدمير سوريا وقتل وتشريد أهلها، وهل يستطيع بشار أن يعد السوريين في مناطق سيطرته بإعادتهم إلى مدنهم وبيوتهم التي دمرتها براميل الرعب والموت، فحولتها إلى حطام وركام لم نر مثيله حتى في القصف الإسرائيلي على غزة؟
وأمام هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه المواطن، وأمام عجز النظام عن تحسين ولو جزءاً صغيراً من حياته، نجد أن النظام وكالعادة التي درج عليها من أيام الأسد الأب منذ عام 1970 يقتصر برنامجه الانتخابي على حفلات الرقص والغناء، وعلى حشد الموظفين وطلاب المدارس والجامعات في الساحات العامة لمبايعة القائد وتمجيده، وما زاد عليه بشار في المسرحية الانتخابية الأخيرة هو كثرة نشر صوره وبموديلات مختلفة في الشوارع والأماكن العامة، والأمر الآخر الذي اعتمد عليه بشار أيضاً هو الظهور بمظهر جديد بعد عمليات التجميل وعمليات النفخ بالبوتكس لوجهه، فيا ترى هل يستطيع هذا الموديل الجديد وهذا البوتكس أن يُجمِّل الصورة التي رسمتها براميل الموت الأسدي في ذهن السوريين؟