ما منحبك

هل يحبه مؤيدوه فعلا؟
هل يحبه مؤيدوه فعلا؟


يحكى أن ملكا جائرا متسلطا كان يريد أن يختبر محبة الشعب له فسأل وزيره عن الطريقة المثلى لاختبار محبة الشعب، فقال الوزير: المسألة بسيطة سنضع خوابي فارغة حول القصر ونعلن كل من يحب الملك ليضع كأس عسل في هذه الخوابي. فلما وضعت الخوابي وجاء الناس صفا صفا، زرافات ووحدانا، يصبون عسلهم في الخوابي، قال أحدهم في نفسه سأصب كأس ماء بدلا من العسل فمن سيعرف بالأمر وصب كأس الماء وغادر، وفي اليوم الموعود نزل الملك من عليائه مع وزيره يتفقدون الخوابي فكانت خيبتهما كبيرة لأن الخوابي كانت كلها مليئة بالماء.
قبيل انطلاق الثورة السورية المجيدة امتلأت شوارع المدن السورية بصور جدرانية كبيرة لوريث السلطة الأسدية بشار الأسد. وفوق الصورة كلمة واحدة "باللهجة الشامية العتيقة": منحبك. وصورة بشار بضحكة وديعة وكأنه من جنس الملائكة. والسؤال هل فعلا كان الشعب السوري ومازال يحب هذا الشخص؟ الواقع أنه لم يمر وقت طويل على حملة " منحبك " وكأن المحبة تشرى بحملة إعلامية، جاء الاختبار الحقيقي، والجواب الصحيح بقيام الشعب السوري بقضه وقضيضه بثورة مجيدة كانت تردد فيها أغنية القاشوش: "يلا إرحل يا بشار" فتحولت الضحكة الوديعة على جداريات ّ" منحبك" إلى " تكشيرة " عن النواجذ وقتل القاشوش وقطع حنجرته، ورمي جثته في نهر العاصي لأنه كان عاصيا. وتابع عملية القتل العشوائي للشعب، الذي حسب الجداريات الضاحكة، كان يقول. " منحبك ". "الملاك الوديع" لم يتوان عن ضرب الذين كانوا يحبونه بالكيماوي، والسكود، والراجمات وكل ما قدم له الروس من أسلحة يفتك بها هذا الشعب. مسرحية منحبك لم تنته فصولا، فبعد عشر سنوات من القتل، والتهجير، والتجويع والتعذيب، والاغتصاب، والتشبيح، والاختفاء، والتعفيش، قام الوريث صاحب جداريات منحبك، بإجراء انتخابات رئاسية كانت المفاجآة فيها ليس نجاحه بالمركز الأول، بل "محبة" الشعب السوري له إذ أكدت النتائج أنه حصل على أكثر من 94 بالمئة من الأصوات. والأكثر غرابة هو كيف حصل على هذه النسبة ونصف الشعب السوري مهجر، ومئات الآلاف مازالت تأن في السجون، وهناك الكثير لم يشاركوا أصلا في هذه الانتخابات. وأذا عدنا إلى قصة الملك المتسلط وخوابيه وتصورنا لو أن وريث الحكم بشار أراد فعلا أن يختبر محبة الشعب السوري الحقيقية له، ووضع خوابي حول قصر المهاجرين وطلب من الناس الذين قالوا له: " منحبك " أن يصب فيها كل واحد منهم كأس عسل، فماذا سيجد فيها عندما يفتحها في اليوم الموعود؟