عن عمر ناهز 73 عاماً، رحل رائد الفضاء السوري اللواء محمد فارس بعد معاناة من أزمة قلبية في إحدى مستشفيات مدينة غازي عنتاب التركية، اللواء محمد فارس لم يكن فقط ثاني رائد فضاء عربي، وأول وآخر رائد فضاء سوري، بل كان من أوائل الضباط السوريين الذين انشقوا عن نظام الإجرام الأسدي. ومحمد فارس من مواليد حلب السورية ونال شهرة كبيرة على الصعيد السوري والعربي والدولي بعد رحلة فضائية مشتركة مع الاتحاد السوفيتي عام 1987 عبر محطة مير الفضائية. لكن هذا الإنجاز الذي جعل منه شخصية محبوبة من السوريين، وسطوع نجمه في سماء سوريا، لم يرض حافظ الأسد فعندما قام بمنحه وساما من الدولة لم يطوق عنقه به حسب البرتوكول المعروف بل أعطاه إياه في يده، كإشارة عن عدم رضاه، وقام بتأكيد هذا الشعور من الحقد عليه بتجريده من عمله كطيار والإبقاء عليه في منزله لمدة تسع سنوات بلا عمل، وعندما سئل محمد فارس عن سبب حقد الأسد الأب عليه قال:"لا أعلم ربما كان يريد ابنه باسل أن يصعد للفضاء بدلا مني" هكذا كافأ النظام الأسدي محمد فارس بدل أن يجعل منه أحد أبطال سورية، وواحدا من رجالها العظماء.
محمد فارس كان طيارا من الصنف الرفيع والمشهود له من جميع أقرانه، وانفرد من بينهم جميعا للياقته البدنية للصعود إلى محطة مير في الفضاء، ولا يوجد أي سبب للتعامل معه بهذه الطريقة سوى أنه خطف الأضواء من الأسد وأنجاله. مع اندلاع الثورة السورية وعندما شاهد محمد فارس كيف قام الوريث بشار الأسد بقصف حلب أعلن انشقاقه عن الجيش ولجأ إلى تركيا حيث عاش كل الفترة السابقة في مدينة غازي عنتاب، ولم نتم إلى أي فصيل معارض. وفي أواخر رمضان عاني من أزمة قلبية لم تمهله وانتقل إلى رحمته تعالى، في صعود أخير للسماء، وكرمته تركيا بالصلاة على جثمانه في مسجد الفاتح ووري الثرى في 22 نيسان/ أبريل. سيبقى محمد فارس في ذاكرة تاريخ سوريا والسوريين كأحد أبطالها الأبرار، وأحد أبنائها الأحرار.