يُمنِّي السوريون أنفسهم عام بعد عام منذ انطلاقة الثورة السورية في أن يكون العيد القادم هو عيد التحرر والخلاص من النظام، والعودة إلى سوريا وبناء ما دمرته آلة الإجرام الأسدي.
في كل عام تتجدد أشواق السوريين في دول اللجوء إلى وطنهم وذكرياتهم، ويحاولون جاهدين صنع أجواء للعيد شبيهة إلى حدٍ ما بالأجواء التي كانوا يعيشونها في سوريا سابقاً مع أهلهم وأحبابهم، ولا يختلف الأمر بالنسبة لسكان المخيمات، الذين يتساوى عندهم يوم العيد مع باقي أيام القهر والعذاب التي يعيشونها، فأكبر أمنية يطمحون إليها هو أن يأتيهم العيد وهم في بيوتهم وعلى أرضهم، أما بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في مناطق النظام فإن المعاناة تزداد أكثر عاماً بعد عام، ففي ظل الأوضاع المعيشية القاسية التي لم تشهدها سوريا منذ الحرب العالمية الأولى يتساءل المرء أي عيد سيمرُّ على السوريين في الداخل، وأي بهجة سيشعرون بها تحت وطأة هذه المعاناة، وكيف سيشتري الإنسان ثياب العيد لأطفاله، أو حلويات العيد ودخله لا يكاد يكفي ثمناً للخبز الذي جعله النظام حلماً بعيد المنال، ويا ترى هل سيتخلى الإنسان عن دوره في طوابير الخبز والمازوت ليزور أقاربه وأصدقائه، أم أن اللقاء ومبادلة التمنيات ستكون على الطوابير، ففرحة المرء بالحصول على ربطة خبز تفوق أكبر فرحة في الدنيا.
وكيف ستستطيع الأمهات صنع بعض الحلوى للعيد، إن كن يقضين الساعات الطوال أمام المؤسسات الغذائية للحصول على كيلو سكر أو كيلو شاي، فاجتماعهن سيكون هذا العيد على طابور السكر، بدلاً من اجتماعهن في البيوت لصناعة حلويات العيد كما كان أيام زمان.
وإذا كان الحال هكذا فمن سيرافق الأطفال إلى مراجيح العيد وألعابه في ظل العجز المادي الذي يعاني منه الأهل، وانشغالهم بتأمين الحاجيات الأساسية من طعام وشراب، وكأن لسان حالهم يقول فرحة طفلي برغيف الخبز أفضل بكثير من فرحته بالألعاب.
نعم لقد شوَّه النظام الأسدي كل معاني الفرح لدينا، وحوّل لحظات السعادة في حياتنا إلى مناسبات للحزن والألم. كل هذا وتأتي مهزلة الانتخابات في هذا العيد لتؤكد استمرارية المعاناة واستمرار طوابير الذل لسنوات وسنوات، ولتؤكد للسوريين أنه لا عيد ولا فرح بوجود هذا النظام المجرم.