سياسة العطر

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصمخ الرئيس السوري أحمد الشرع بالعطر
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصمخ الرئيس السوري أحمد الشرع بالعطر

في لفتة تحمل معان كبيرة أمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقارورة عطر فاخر وضمخ بها الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، ثم أهداه القارورة وأخرى أهداها لزوجته وسأله كم زوجة لك؟ وهذا السؤال باعتقادي ليس للسخرية، أو للمزاح بل كان يقصد أن يعطيه مزيدا من قوارير العطر بعدد الزوجات لكن الشرع لم يقبل سوى واحدة،

وبدوره أهدى الشرع ترامب ختم أثري وأ.ول نوته موسيقية ورد عليه السؤال كم زوجة لديك ليجيب ترامب واحدة لحد الآن. ومهما يكن تفسير هذا المشهد الذي لا سابق له من قبل رئيس أمريكي إزاء رئيس دولة، وخاصة لرئيس سوري كان بالأمس سجينا في سجن أمريكي في العراق. المعاني التي نقرؤها هي رغبة ترامب بهذه الحركة رفع الكلفة مع السيد الشرع،

ولم يلتزم بسلوكيات البروتوكول الصارم، وأراد أن يرمز بها إلى العلاقة الأمريكية السورية الجديدة التي ستحمل رائحة العطر، وقد صرح بها صراحة بقوله:"لقد أحببت هذا الشاب القوي..وسأساعد سوريا"، كثر هؤلاء الذين يتصيدون كل حركة يقوم بها الرئيس الشرع للانتقاص منه ومن أي خطوة تسير فيها سوريا للأمام،

فمن يقول إنه دخل البيت الأبيض من الباب الخلفي، وآخرون قالوا بأنه لم يمش على السجاد الأحمر.، وكفر آخرون الشرع لموافقته أن تكون سوريا عضوا في التحالف الدولي ضد "داعش" ،

وهل إذا دخل الشرع من الباب الأمامي وسارعلى السجاد الأحمر سيكون أفضل لصالح سوريا، ويعزز علاقات سوريا مع الولايات المتحدة؟  وهل إذا واجه تنظيم داعش البريري يصبح كافرا؟ يجب أن يعلم كل هؤلاء أن عهد الإرهاب قد انتهى في سوريا، ويجب أن يزول، وإن ما يصبو كل سوري إليه هو إعادة إعمار سوريا، ورأب الصدع في صلب الشعب السوري، وحماية سوريا وسيادتها واحدة موحدة، وأن تسترد سوريا صورتها الحضارية الناصعة بدل دولة الإرهاب والمخدرات التي وصمها بها نظام الطغمة الأسدية، ونسج علاقات متكافئة مع كل دول العالم ولاسيما أمريكا والدول الأوربية فهذه العلاقات وحدها هي الكفيلة بوضع سوريا على سكة الازدهار، والتقدم، لقد جربت سوريا تحالفات مع الاتحاد السوفييتي، ثم مع روسيا، ومع إيران فماذا قدمت هذه التحالفات سوى الفقر، والدمار، والظلم، والإجرام. والطائفية المقيتة، والسجون، والقتل تحت التعذيب، والمقابر الجماعية، والتهجير. لقد وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك،

أسبوع الزيارة التي قام بها رئيس سوريا أحمد الشرع إلى واشنطن، بأنها بمثابة «نقطة تحول حاسمة في التاريخ الحديث للشرق الأوسط»، معتبراً انضمام دمشق إلى «التحالف الدولي» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، انتقالا لسوريا من مصدّر للإرهاب إلى شريك في مكافحة الإرهاب، مطالبا الكونغرس الأمريكي بالإلغاء الكامل لـ"قانون قيصر". وقالت جولي كوزاك المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي يوم الخميس "إن الصندوق أرسل بعثة من الخبراء إلى دمشق هذا الأسبوع للقاء السلطات السورية ومناقشة أولويات الإصلاح الاقتصادي واحتياجات المساعدة الفنية".

وأضافت كوزاك أن الخطوة التالية ستكون إجراء المزيد من المناقشات حول كيفية تمهيد الطريق لإجراء مراجعة “المادة الرابعة” لاقتصاد البلاد. إن ما تحتاج سوريا إليه اليوم هو بناء اقتصاد قوي والانفتاح على العالم، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بالتحالف مع دول غنية ومتقدمة. فضع فقير مع فقير آخر تحصل على فقيرين. ذات يوم وكنت اقطن لندن مررت بمحلات هارودز الشهيرة فجمعتني الصدفة بشاعرنا الكبير الراحل نزار قباني وهو يشم قارورة عطر قلت: استاذنا الكبير ماذا تشم، قال إني أشم رائحة سوريا فهذا العطر هو عطر الياسمين الذي يذكرني ببيتي في دمشق. وهذا الكلام يختصر كل شيء فدمشق يجب أن تسترد ياسمينها، وعطرها، وألقها، وليس أن تكرر تجارب مريرة لم تقدم لسوريا شيئا سوى التشتت والشتات. فسياسة العطر تبقى أفضل بكثير من سياسة التفقير والكبتاغون والدم.