الشرع رجل العام

الرئيس السوري أحمد الشرع
الرئيس السوري أحمد الشرع

لم يحظ رئيس دولة بهذا الوهج الإعلامي في وقت قصير جداً، كما حظي به الرئيس السوري أحمد الشرع، فهذا الرجل الذي فضل أن يتخلى عن الدراسة في الجامعة السورية لينتقل إلى ساحات القتال والسجون في العراق ضد الغزو الأمريكي يجلس اليوم في البيت الأبيض مقابل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال عنه بأنه رجل قوي ذو ماض قاس.

هذا التحول الكبير بمقدار 180 درجة من النقيض إلى النقيض يؤكد مدى التغير في السياسة المتبعة ببراغماتية لا يتقنها إلا القلائل ممن يقرؤون الواقع وتحولاته، وضرورات التماشي معه للوصول إلى الهدف المنشود. فما حققه الشرع الذي استطاع أن يصمد في إدلب المحررة ضد قوات المخلوع بشار الفار، والقوات الروسية، وكل ميليشيات إيران من حزب الله، وفاطميون، وزينبيون، وأبو فضل العباس، والحشد الشعبي، وكذلك الميليشيا الإرهابية البربرية "داعش"، ليس من الأمر السهل.

وإن مفاجأة العالم أجمع في الثامن من ديسمبر العام الماضي بإسقاط واحد من أكبر طغاة التاريخ فتكا بشعبه ودخوله دمشق منتصراً في ليلة ظلماء حزم فيها بشار الفار أمتعته وحقائب سرقاته فارا إلى حاميه في حميميم، أذهل كل من كان يعتقد أن نظام الأسد سيبقى قائما إلى الأبد، وكل من كان يسعى جاهدا لتلميع حكمه وعودته إلى حضن الجامعة العربية والقبول به في المحافل الدولية.

لقد أنهى الشرع حكم طغمة آل الأسد التي استمرت لنصف قرن ونيف بأسبوع واحد، هذه الطغمة التي حولت خلالها سوريا إلى دولة عبادة الشخصية والتماثيل والصور العملاقة لأفراد عائلة طغاة فاشلين، ودولة قمع وتعذيب، ودولة إرهاب، ودولة مخدرات، ودولة فتحت أبواب سوريا إلى كل شذاذ الآفاق ليعيثوا فيها فسادا وقتلا وتنكيلا بالسوريين.

لقد فتح مقاتلو الشرع سجون سوريا الرهيبة وأظهروا للعالم مدى فداحة الإجرام الأسدي، وكشفوا عن المقابر الجماعية التي ضمت رفات مئات آلاف المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب والإعدامات العشوائية. وفتح أبواب سوريا لعودة المهجرين في جميع أنحاء العالم، وانتهج سياسة حكيمة في رأب الصدع الكبير في الشعب السوري الذي تسبب به النظام البائد بسياسته الطائفية بنبذه سياسة الانتقام،

بل مد يده لجميع الطوائف والعرقيات بلا استثناء، و هذا الرجل الذي استلم سوريا المدمرة، المنهكة، المعذبة، المعدمة، اليوم وفي أقل من عام انفتحت سوريا على العالم، ونسجت علاقات مع معظم الدول، وخاصة مع المملكة العربية السعودية، وقطر، بشكل خاص ودول الخليج بشكل عام، واعتلى الشرع منبر الأمم المتحدة، ودخل البيت الأبيض لأول مرة لرئيس سوري، في لقاء تاريخي واعد لإعادة إعمار سوريا، ورفع العقوبات عنها التي تسبب بها نظام الإجرام الأسدي، وازدهارها مرة أخرى.

ولا أشك أن هذه الصورة التي قدمها الشرع عن نفسه وعن سوريا، سنراه يتصدر مجلات العالم كرجل العام 2025. في الوقت الذي يختبيء فيه بشار الفار في منفاه الذي لا يزال يحيك المؤامرات مع فلوله ضد سوريا الجديدة ويتلصص من خصاص الباب على صور الشاب تملؤ الصحف والمجلات، وهكذا تكون نهاية الطغاة.