ممداني.. "الطوفان الأقسى"

عمدة نيويورك زهران ممداني مع زودته الفنانة من أصول سورية راما دودي
عمدة نيويورك زهران ممداني مع زودته الفنانة من أصول سورية راما دودي


من كامبالا أوغندا حيث ولد  إلى عمدة نيويورك. بالأمس وقع زلزال ممداني بدرجة 9 على مقياس ريختر السياسي في أمريكا، ففي أكبر وأقوى وأغنى مدينة والأكثر جذبا لسياح ، وعاصمة اليهود في العالم صوتت لشاب مسلم مهاجر يتبنى خطا اشتراكيا في بلاد اليمين التقليدي، وبلاد الأنجيليكان، ومدينة ناطحات السحاب، والملياريرات. ووول ستريت، ومركز التجارة العالمي، وتمثال الحرية في جزيرة الحرية. إنها نيويورك التي صنعت صورة أمريكا والحلم الأمريكي، المدينة التي كان المهاجرون يلقون أنفسهم من القوارب فرحا للوصول إليها سباحة. اليوم أصابتها هزة ممداني السياسية غير المسبوقة في عالم المال والأعمال، في عالم المافيا، وفي عالم الاختلاف الطبقي المرعب بين من هم فوق ناطحات السحاب، ومن هم تحتها. مع زهران ممداني يبدأ تاريخ آخر، طريق أخرى، تفكير مختلف، سلوك مغاير لممالك المال، ومافيات السياسة. ولوبيات السلاح والصهيونية والبروباغندا الإعلامية، زلزال ممداني لا يقل أهمية عن زلزال ثورة الشاي في بوسطن، لأن هذا النهج لم يطرق من قبل، أن يتسنم مهاجر مسلم إشتراكي الهوى متوسط الحال، مناصرا للقضية الفلسطينية، وسيدة المدينة الأولى راما دوجي مسلمة مهاجرة أيضا من أصول سورية، ووالده أستاذ في جامعة كولومبيا التي قادت الاحتجاجات ضد حرب غزة، وأمه السينمائية التي رشحت لجائزة أوسكار، منصب عمدتها الذي كان حكرا على ذوي الأصول الأوربية وأصحاب المال. هذا المهاجر يقف في وجه ترامب المناهض للهجرة والمهاجرين بقوله:"نيويورك مدينة المهاجرين، بناها المهاجرون ويحكمها اليوم مهاجر، ولكي تصل إلى أي منا يا ترامب عليك أن تتغلب علينا جميعا" هذا الاشتراكي من قعر الشعب المعذب يتغلب على الملياردير وصاحب أحد أعلى الأبراج والذي دفع عشرات الملايين لإنجاح المرشح المنافس وباءت محاولته بالفشل، ووعد بزيادة الضرائب على الأغنياء، وجاهر بمناصرته للقضية الفلسطينية والتنديد بالإبادة الجماعية في وجه بنيامين نِتنياهو الذي وعد باعتقاله إذا وطأت قدمه أرض نيويورك، وقد صوت له أكثر من مليون يهودي، إنه "الطوفان الأقسى" على قلوب أعدائه في عقر دار الإمبريالية العالمية، إنها الديمقراطية، إنها صوت الشعب، إنها الخيار الحق، خيار المسحوقين، والغرباء. هذا الزلزال بدرجة 9 على مقياس ريختر السياسي سيكون له ارتدادات كبيرة، وهزات في مدن أخرى في انتخابات مقبلة كلعبة الدومينو، ففي هذه المدن أيضا "ممدانيون" لأن خط ممداني سيكون خطا سياسيا باسم الممدانية التي سيعتنقها الكثيرون في مدن كثيرة، في بوسطن، ولوس أنجليس، وشيكاغو، ونيو اورليانز، وحتى واشنطن ومدن أخرى. إنها الثقب الأول في الشرنقة التي سيخرج منها أولى الفراشات  الأولى  المبشرة بربيع أمريكا. هناك تيار جارف ينام في أحشاء الطبقات الفقيرة، المعدمة، والعاطلين عن العمل، سيندفع في أية لحظة في أول انتخابات مقبلة. ولاشك أن هذه الثورة سيقابلها ثورة معاكسة، ستتكتل فيها قوى اليمين، واللوبيات لوقف الزحف المتوقع المهدد. ولكن من الصعب الوقوف وقتئذ في وجه تسونامي الممدانية. ولات حين مناص.