صفاقات وتصفيق وصفاقات

الرئيس الامريكي دونالد ترامب
الرئيس الامريكي دونالد ترامب


كانت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل وإلقاء كلمة على منبر الكنيست الإسرائيلي صورة ناصعة للفكر الصهيو ـ أمبريالي الاستعماري الإحلالي في فلسطين ولبنان وسوريا، ففي كلمته المرتجلة التي أظهرت رجلا متغطرسا يقدم نفسه كسلطان العالم وأفضل الرؤساء الأمريكيين وخاصة أفضل من الرئيسين جو بايدن وباراك أوباما اللذين لم ينجزا شيئا يذكر في صالح أمريكا بينما هو قدم لأمريكا ما لم يقدمه رئيس آخر في أقل من سنة، ألم ينهى حروبا سبعة في شحطة قلم، وأوقف الاقتصاد الأمريكي على قدميه بفرض رسوم جمركية على العالم ليملأ خزائن الاحتياطي الأمريكي، ألم ينقذ إسرائيل من الانهيار، وينجز أعظم إنجاز في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، فهو الذي قدم لدولة الاحتلال أحدث الأسلحة وأكثر القنابل فتكا وتدميرا على مدى سنتين من الحرب لتفتك في لحم الأطفال الفلسطينيين، وخص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين مليوكوفسكي (نتنياهو) بالإطراء والمديح بوصفه الرجل العظيم، وتناسى أن هذا البطل العظيم مطلوب من محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب أودى بحياة عشرات آلاف الفلسطينيين، ودمير غزة كاملة على رؤوس ساكنيها، وجوع أهلها وأطفالا حتى الموت، وهو ملاحق من المحاكم الإسرائيلية بتهم فساد. وأن هناك شكوى من العديد من الدول ضد الدولة المارقة لدى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، ورغم كل ذلك كان التصفيق الحاد يقاطع كلمته كلما كال مجرم الحرب بمديح يذكر شعراء سلاطين العصور الوسطى الجائرين. ولكن عندما صرخ النائب الفلسطيني أحمد العودة مذكرا ترامب بالحقوق الفلسطينية كان نصيبه الطرد من الكنيست، كما كان ترامب يخطط لطرد فلسطينيي غزة من أراضيهم ليحولها رجل الصفقات بصفاقة إلى ريفييرا بصفقات عقارية فلكية، وذكرنا ترامب رجل الصفقات، بخطته للسلام التي كانت آخر صفقة في جعبته كساحر يخرج الحمام من قبعته. رجل الصفقات ذكرنا أيضا بأنه رجل الصفاقات، ففي كلمته ذكر الإسرائيليين بما من عليهم من نعم "ألم أنقل السفارة الأمريكية إلى القدس التي ستكون عاصمة إسرائيل إلى الأبد، ألم أوافق على منحكم السيادة على الجولان" وكأن القدس والجولان ورثهما عن أبيه وليس بالاحتلال بالقوة وبدعم من أمريكا، وبموافقته هذه يلغي كل القرارات الدولية التي وافقت عليها أمريكا وخاصة القرار 242، والقرار 338، وقرار فض الاشتباك في سوريا، و 701 في لبنان، واتفاقية أوسلو الخاصة بالدولة الفلسطينية. فهو لم يذكر مرة واحدة كلمة دولة فلسطين، فهذا الشعب لا يستحق دولة، فقط دولة الاحتلال هي التي تستحق كل الحق في احتلال الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية، وبناء دولة مارقة تعتدي على كل جيرانها، ولم يخجل ترامب بالقول أن إعادة إعمار غزة سيقع على عاتق الدول العربية النفطية "الغنية جدا" ومبالغ إعادة الإعمار هي "جزء بسيط من ثرواتهم" الطائلة، فلا تقلقوا يا مجرمو الحرب من مطالبات بالتعويضات على الدمار الذي ألحقتم به غزة والضفة ولبنان وسوريا كما طالبتم ألمانيا التي تعوضكم إلى اليوم على جرائم النازية، فانتم دمروا ما شئتم طالما أن العرب يدفعون. ترامب الذي وعد الدول العربية والإسلامية بإنهاء الحرب، والعمل على تحقيق حق الفلسطينيين ببناء دولتهم المستقلة، خدع العرب وقام بتجاهل وعوده، فلا عهد له ولا وعد. وبالطبع فإن هذه الكلمات التي صبها ترامب في آذان الإسرائيليين السعداء بوجوده وبوعوده تستحق التصفيق الحاد بين الجملة والجملة، أما الصفاقات التي خص بها حقوق الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين فوجدت آذانا صاغية، وأفواه مكتومة، وغدا ستكون إسرائيل في كل دول الشرق الأوسط من السعودية إلى سوريا، ومن العرق إلى عمان، ومن عمان إلى لبنان كما قال بتوقيع هذه الدول على اتفاقات إبراهيم الذي هندسها صهره اليهودي الصهيوني الذي يحب إسرائيل أكثر من أي شخص آخر وحتى ابنته اعتنقت اليهودية إسوة بزوجها، فطوبا للدولة المارقة، الدولة "الفاضلة" التي قامت "بإنجازات مبهرة وحتى في مجالات شتى، في محيط عربي لم ينجز سوى الإرهاب والتخلف" كما قال، والخضوع "كحيوانات بشرية" كما وصفهم بعض زعماء "الدولة الفاضلة المارقة" لكل ذي قوة وجبروت. فعيشوا في نعيم مجلس السلام برئاسة ترامب، وإدارة مجرم الحرب توني بلير، وسلطة مجرم الحرب نتنياهو