يقول العالم السياسي ماكس فيبير أن الشرعية ثلاثة أنواع: الشرعية الكارزمية، الشرعية التقليدية، الشرعية الديمقراطية.
والشرعية الكارزمية حالة كل شخص يعتبر نفسه أنه أخرج بلده من أرمة ما كانت مستعصية كتحرير البلد من استعمار، أو إنهاء حكم ديكتاتوري تعسفي وأرسى حكما جديدا تقبله الشعب، أو أنقذ البلد من أزمة اقتصادية كبيرة، أو خرج منتصرا من حرب ما والأمثلة كثيرة كمصطفى كمال (أتاتورك) الذي أنقذ تركيا في الحرب العالمية الأولى، ومهاتما غاندي الذي حرر الهند من الاستعمار البريطاني، ونلسون مانديلا الذي أنهى حكم الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وجمال عبد الناصر الذي أنهى حكم الملكية في مصر. أما الشرعية التقليدية فهي شرعية موروثة كزعماء القبائل والعشائر، والملكيات المطلقة، والإمارات، أما الشرعية الديمقراطية فهي شرعية يمنحها الشعب للحاكم بتصويت انتخابي يحقق فيه أغلبية الأصوات، وهذه الشرعيات الثلاث تعطي الحاكم حق الطاعة، وهنا الطاعة أيضا تتبع نوعية الشرعية، ففي الشرعيات الكارزمية يحصل الحاكم طاعة الشعب بالاستحقاق كونه قدم خدمة كبيرة للوطن، أن الشرعية التقليدية فالحكم يحصل على الطاعة بالإكراه، أو بالعنف، أو بالعرف فشيخ قبيلة مثلا مطاع من قبل أفراد القبيلة حسب أعراف القبيلة. أما الطاعة في الشرعية الديمقراطية فتأتي حسب القانون، فالحاكم يطبق القانون والسلطة القضائية هي المسؤولة عن الطاعة، وما نراه في أنظمة ديكتاتورية التي لا شرعية لها سوى أن وصلت إلى الحكم إما بانقلاب عسكري في أغلب الأحيان فهذه لا شرعية لها وبالتالي فالطاعة تأتي بالعنف المسلح والسجون والتضييق على الحريات كما حصل في سوريا خلال عهد المقبور والمخلوع،
أحمد الشرع الذي حرر سوريا من المخلوع والمقبور ينطبق عليها الشرعية الكارزمية، فهو دخل إلى دمشق دخول المنتصر وكنس حكما جائرا دمويا طائفيا فاسدا، أما بعد الانتخابات التشريعية (ولو أنها غير مباشرة)، فإنها تضفي عليه شرعية جديدة هي الشرعية الديمقراطية (ولو أنه لم يحققها بعد لأنها جزئية وما زال الطريق طويلا وشائكا) لكنها بداية الطريق الذي تسلكه السلطة الجديدة والذي يتطلب في المرحلة المقبلة البدء ببناء مؤسسات الدولة من أحزاب ونقابات ونواد، وجمعيات، وإجراء انتخابات مباشرة رئاسية وبرلمانية.. والسوريون على أية حال الذي دفعوا دما، وذرفوا دمعا، وعانوا تهجيرا، وتجويعا لن يقبلوا أقل من ذلك.