ما بال الدول الغربية تتسابق اليوم بعد 77 سنة مما نعد من حروب وتهجير ودماء وآلام وأحزان للاعتراف بدولة فلسطين؟ ما عدا مما بدا؟ وفرنسا وبريطانيا اللتان حاكتا سايكس ـ بيكو تحت جنح ظلام لتقتسما خريطة الشرق الأوسط بالمسطرة والقلم والسكين والشوكة يستصرخان الإبادة الجماعية بعد سنتين من الجرائم التي يندى لها جبين البشرية والتي اقترفتها يدا الدولة الصنيعة المارقة التي صنعتاها بكل خبث، مع سابق الإصرار والإضرار؟ وألمانيا صاحبة الأفران البشرية التي ترفض اليوم الاعتراف بدولة فلسطينية، أو إيطاليا صاحبة المحارق باليهود التي تحذو حذوها وكأن الاعتراف بفلسطين تهمة بذيئة ومخجلة يتحاشونها ولا تنقصان قنبلة واحدة مما ترسلان إلى الدولة المارقة كسيدتهما راعية الإمبريالية العالمية بقيادة دونالد ترامب؟ هذه الصحوة المفاجئة بعد سنتين من الإبادة الجماعية التي يقترفها البولوني بنيامين مليكوفسكي (نتنياهو) جاءت بعد كابوس مرعب قض مضاجع الغرب بأكمله، وأول جوقة الرقص حنجلة، كما يقال بدأتها فرنسا مشكورة ربما لأنها تذكرت أنها هي من وضع حقوق الانسان والمواطنة بعد ثورتها المجيدة1789، وربما أعيدت قراءة جان جاك روسو، ومونتيسكيو، وفولتير، وجون لوك وقانون الأمم المتحدة لحقوق الانسان 1948 فاحمرت الخدود خجلا. لا بأس أن تصحو متأخرا من أن لا تصحو أبدا، ولا بأس أن تعترف بجريمتك بحق فلسطين التي كان من المفترض أن تدافع عنها منذ بدء قرار التقسيم، وارتكاب الدولة المارقة حديثة الصنع باحتلال كل فلسطين، ما عدا فتات غزة والضفة الغربية، وحتى هذا الفتات تقوم باحتلاله اليوم بأبشع الصور، لا بأس أن نصحو بعد سبات عميق استيقظنا منه على وقع كابوس الإبادة الجماعية على المباشر، ولكن على هذه الصحوة أن تكمل المشوار في وضح النهار قبل الغفوة المقبلة لأنها ربما ستكون أطول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وإقامتها قولا وفعلا رغما عن أنف الدولة المارقة وأساطينها الذين جاؤوا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بولونيا وأوكرانيا وهنغاريا وروسيا والعراق والمغرب وتونس والجزائر واليوم ومن أمثالهم هم الذين يقصفون الأطفال بقنابل زنة طن وطنين، وعربات مفخخة تحدث ارتجاجات أرضية تصل إلى 4 درجات على مقياس ريختر، وهم الذين يقتلون الأطفال عمدا مع سابق الرصد والترصد وهم يتلقون فتات المساعدات، هؤلاء هم الذين صنعهم الغرب صاحب المباديء السامية التي يتم التعامل معها على مبدأ الوزنين والمعيارين. ولكن لا بأس أن نصحو متأخرين يا سادة فعلم فلسطين يرفرف اليوم على بلديات في فرنسا، واسم فلسطين على أول خارطة بريطانية، ويعقد مؤتمر حل الدولتين برعاية سعودية فرنسية في نيويورك ولكن من فضلكم أكملوا المهمة حتى النهاية قبل الغفوة المقبلة.