إسرائيل الدولة القرصان

سفينة في اسطول الصمود تتعرض للقرصنة
سفينة في اسطول الصمود تتعرض للقرصنة


لأول مرة تاريخ الإنسانية تمارس دولة تدعي "الديمقراطية" تمارس دول القرصان في البحر المتوسط، فهي ليست المرة الأولى تعترض سفنا في عرض البحار وفي المياه الدولية سفنا مدنية غير مسلحة تسعى لفك حصار قاتل على شعب بأكمله في قطاع غزة، هذا الحصار الذي يدوم منذ عقدين تحول إلى سجن كبير ترتكب فيه إبادة جماعية في وضح النهار وعلى مرأى العالم أجمع بالأسلحة الفتاكة، والتجويع، والتعطيش، والتهجير القسري، وضرب كل مقومات الحياة من بنية تحتية حتى المراكز الصحية. في ليلة الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر قامت الدولة المارقة بأكبر عملية قرصنة بتوقيفها 13 سفينة من اسطول الصمود الذي يضم حوالي 40 سفينة ومنعتهم من الوصول إلى ساحل غزة لكسر هذا الحصار وتزويد الغزيين بالمساعدات التي تحملها سفن الاسطول، عملية القرصنة هذه التي تنتهك القوانين الدولية والبحرية انتهاكا صارخا لا خلاف عليه أثار سخط الكثير من الدول والشعوب، فقامت كولومبيا بطرد السفارة الإسرائيلية في بوغوتا، وادانت دول أخرى كتركيا وماليزيا وساهما هذا الهجوم الهمجي غير المبرر، بينما انطلقت المظاهرات الشعبية في تونس وتركيا وإيطاليا، ومناطق أخرى للتنديد بهذه القرصنة، ولم يصدر إلى الآن أي إدانة من الدول العربية وباقي الدول الإسلامية، وينتظر في الساعات المقبلة استمرار قرصنة الدولة المارقة لاحتجاز باقي السفن من الاسطول التي لم تأبه لتهديدات جيش الاحتلال وقررت المضي في طريقها إلى غزة، إن هذا العمل الإجرامي الخارج عن القانون الدولي يجب أن تحاسب عليه هذه الدولة المارقة من قبل الأمم المتحدة، وأيدان من قبل الاتحاد الأوربي، وكل دولة تعتبر أنه انتهاكا لسيادة القانون، وإلا فأن شريعة الغاب، ستعيد العالم إلى العصور الوسطى حيث لا قانون فوق القوة والغطرسة. إن الواجب اليوم يقتضي نصرة الشعوب المقهورة، وتلك التي تتعرض للإبادة الجماعية، ومعاقبة مرتكبيها، وعدم تفضيل سياسة الوزنين والمعيارين، فتارة نعاقب روسيا على احتلالها لأوكرانيا، ولكن نهاجم فنزويلا، ونصرح بالنية لغزو بنما، وضم كندا، وشراء جزيرة غرينلاد، وإعلان سيادة إسرائيل على الجولان المحتل والقدس عاصمة أبدية لها، فهل أصبحت دول العالم وأراضيها مشاعا للدول الأقوى؟ فأين هي قوانين الأمم المتحدة، وأين هي تقرير الشعوب لمصيرها، وأين هي حقوق الانسان والمواطنة، وأين هي مباديء ويلسون؟ إن أجواء ما يجري اليوم أمام أعيننا يذكرنا بأجواء الحرب العالم الأولى والثانية، اللتين تسببت بهما الدولة الغربية، واليوم نرى أن هناك انزلاقا تدريجيا نحو حرب عالمية ثالثة، فالتهديدات بالأسلحة النووية التي نسمعها هنا وهناك، وبالتهديدات لكل من لا ينصاع لأوامر القوة العظمى التي ترغم الفلسطينيين على القبول بقراراتها التي لا تحقق تطلعاتهم بقيام دولتهم المستقلة، ولجم جماح الدولة المارقة في احتلال أراض سورية جديدة، والتصريح بأهدافها لاحتلال معظم دول الشرق الأوسط لبناء إسرائيل الكبرى، واعتداءاتها المتكررة على لبنان والضفة الغربية، وسوريا، واليمن، وإيران، واليوم على اسطول الصمود، التي ستكون نتائجها وخيمة ومدمرة ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب بل على مستوى العالم.